(أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ) أي : سبب خيرهم وشرّهم عند الله ، وهو حكمه ومشيئته ، والله هو الّذي يشاء ما يصيبهم من الحسنة والسيّئة ، كقوله : (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) (١). أو سبب شؤمهم عند الله ، وهو أعمالهم المكتوبة عنده ، فإنّها الّتي ساقت إليهم ما يسوءهم. (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أنّ ما يصيبهم من الله ، أو من شؤم أعمالهم.
(وَقالُوا مَهْما) أصلها «ما» الشرطيّة ، ضمّت إليها «ما» المزيدة ، ثمّ قلبت ألفها هاء ، استثقالا لتكرير المتجانسين. وقيل : مركّبة من «مه» الّذي يصوّت به الكافّ و «ما» للجزاء ، كأنّه قيل : كفّ ما تأتنا به. ومحلّها الرفع على الابتداء ، أو النصب بفعل يفسّره قوله : (تَأْتِنا بِهِ) أي : أيّما شيء تحضرنا تأتنا به.
(مِنْ آيَةٍ) بيان لـ «مهما». وإنّما سمّوها آية على زعم موسى ، لانتفاء اعتقادهم بها ، ولذلك قالوا : (لِتَسْحَرَنا بِها) أعيننا وتشبّه علينا. والضمير في «به» و «بها» باعتبار اللفظ والمعنى ، فإنّه في معنى الآية. والمعنى : أنّهم قالوا لموسى : أيّ شيء تأتنا به من الآيات لتسحرنا بالتموّه علينا بها. (فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) بمصدّقين. أرادوا أنّهم مصرّون على تكذيبهم إيّاه وإن أتى بجميع الآيات.
(فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (١٣٣) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ (١٣٤) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ
__________________
(١) النساء : ٧٨.