.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
ولأجل جميع هذه المحاذير ، أو بعضها ، اختار المحقّق صاحب الحاشية مسلكا آخر ، وهو : أنّ المقدّمة واجبة من حيث الإيصال ، لا مقيّدا به ، حيث قال (قده) :
«والأظهر كما هو ظاهر الجمهور : وجوب المقدّمة من حيث إيصالها إلى أداء الواجب ...» إلى أن قال : «فإذا وجب علينا شيء وجب الإتيان بما يتوقّف عليه لا من جهة ذاته ، بل من حيث أدائه إلى الواجب ، ويجب علينا الإقدام على فعل الواجب بعد الإتيان بمقدّمته ، فعدم الإقدام على الواجب بعد الإتيان بالمقدّمة لا يخرج ما أتى به من المقدّمة عن الوجوب ، فإنّها واجبة من حيث كونها مؤدّية إلى الواجب وإن لم يحصل التأدية إليه ، لإهمال المكلّف ، فإنّ عدم حصول الأداء بها لا ينافي اعتبارها من حيث كونها مؤدّيا ـ الظاهر مؤدّية ـ ليحكم بوجوبها من تلك الجهة. والحاصل : أنّه لا يتنوّع المقدّمة من جهة إيصالها إلى ذي المقدّمة ، وعدمه إلى نوعين ليقال بوجوب أحدهما دون الآخر ، بل ليس هناك إلّا فعل واحد يتصف بالوجوب من حيث كونها موصلة إلى الواجب سواء أتى بها على تلك الجهة أو لا ، وتلك الجهة حاصلة فيها سواء تحقق بها الإيصال إليه أو لا. نعم لو فرض انتفاء الجهة المذكورة عن المقدّمة لم تكن واجبة ، وحينئذ يخرج عن عنوان المقدّمة ، كما لا يخفى. فلا فرق في وجوبها بين وجود الصارف الاختياري عن أداء الواجب وعدمه. ولو كان هناك صارف عن الواجب خارج عن اختيار المكلّف خرجت به المقدّمة عن الوجوب ، لانتفاء الحيثيّة المذكورة ، وحينئذ يسقط التكليف بالواجب أيضا ، والتأمّل في الأدلّة المتقدّمة لوجوب المقدّمة قاض بما قلناه ، كما لا يخفى على من أعطاها حق النّظر» انتهى كلامه رفع مقامه.
ومحصل ما أفاده : أنّ الوجوب لمّا كان تابعا للملاك ، ومن المعلوم : أنّ الملاك الداعي إلى إيجاب المقدّمة هو توقّف وجود الواجب النفسيّ عليها ، فوجوب