ثم إنّ هذا (١) كله فيما يجري في متعلق التكاليف من الأمارات الشرعية والأصول العملية.
وأمّا ما يجري في إثبات أصل التكليف ، كما إذا قام الطريق أو الأصل على وجوب صلاة الجمعة يومها في زمان الغيبة ، فانكشف بعد أدائها وجوب صلاة الظهر في زمانها ، فلا وجه لإجزائها (٢) مطلقاً (٣) ، غاية الأمر أنّ تصير صلاة الجمعة
______________________________________________________
(١) أي : ما ذكرناه كان راجعاً إلى الأوامر الظاهرية المتعلقة بالموضوعات بعد الفراغ عن ثبوت أصل التكليف.
وأمّا ما يجري من الأمارات والأُصول العملية في نفس الأحكام الشرعية ، كما إذا قامت أمارة كخبر الثقة ، أو أصل كالاستصحاب على وجوب صلاة الجمعة ، وبعد الإتيان بها انكشف وجوب صلاة الظهر في زمان صلاة الجمعة ، فلا وجه للإجزاء مطلقاً سواء أقلنا بطريقية الأمارات أم موضوعيتها.
أمّا على الأول فواضح ، وأمّا على الثاني ، فلأنّ غاية ما تقتضيه الموضوعية هي اشتمال صلاة الجمعة على المصلحة الناشئة من قيام الأمارة أو الأصل على وجوبها ، ومن الواضح عدم المنافاة بين وجوب صلاة الجمعة بهذا العنوان ، وبين وجوب صلاة الظهر ، لتعدد متعلق الوجوبين ، إلّا إذا قام دليل خاص من إجماع أو غيره على عدم وجوب صلاتين يوم الجمعة ، وأنّ الواجب فيه واحد ، فلا بد حينئذٍ من الإتيان بصلاة الظهر ، لعدم وجوب غيرها بناءً على الطريقية ، والاكتفاء بصلاة الجمعة بناءً على الموضوعية ، إذ المفروض وجوب إحدى الصلاتين وقد أتى بها.
(٢) هذا الضمير وضمير ـ أدائها ـ راجعان إلى ـ صلاة الجمعة ـ ، وضمير ـ زمانها ـ إلى ـ الغيبة ـ.
(٣) يعني : سواء أقلنا بالطريقية أم الموضوعية ، وسواء أكان دليل الوجوب أمارة أم أصلاً ، وقد عرفت وجه هذا الإطلاق.