الدنيا ، فقال عليهالسلام على به ، فلما جاء قال : يا عدى نفسه لقد استهام بك الخبيث (١) أما رحمت أهلك وولدك؟ أترى الله أحل لك الطيبات وهو يكره ان تأخذها؟ أنت أهون على الله من ذلك ، قال : يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك؟ (٢) قال : ويحك انى لست كأنت ، ان الله تعالى فرض على أئمة الحق أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا تبيغ (٣) بالفقير فقره.
٢٧ ـ في جوامع الجامع وروى عن النبي صلىاللهعليهوآله دخل على أهل الصفة وهم يرقعون ثيابهم بالادم (٤) ما يجدون لها رقاعا ، فقال : أنتم اليوم خير أم يوم يغدو أحدكم في حلة ويروح في أخرى؟ ويغدى عليه بجفنة ويراح عليه بأخرى ويستر بيته كما تستر الكعبة؟ قالوا : نحن يومئذ خير ، قال : بل أنتم اليوم خير.
٢٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله عزوجل : (وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ) والأحقاف من بلاد عاد من الشقوق الى الأجفر وهي أربع منازل (٥) قال حدثني أبى قال : امر المعتصم ان يحفر بالبطاينة بئرا فحفروا ثلاثمأة قامة فلم يظهر الماء فتركه ولم يحفره ، فلما ولى المتوكل أمر أن يحفر ذلك البئر أبدا حتى يبلغ الماء ، فحفروا حتى وضعوا في كل مأة قامة بكرة حتى انتهوا الى صخرة ، فضربوها بالمعول فانكسرت فخرج منها ريح باردة فمات من كان يقربها ،
__________________
(١) «يا عدى» تصغير عدو ، «واستهام بك الخبيث» الباء زائدة اى جعلك هائما ، والهائم بمعنى الضال ، والمراد من الخبيث هو الشيطان.
(٢) طعام جشب : اى غليظ وكذلك مجشوب ، وقيل : انه الذي لا أدم معه.
(٣) تبيغ الدم بصاحبه ، وتبوغ به اى هاج به ، وفي الحديث : عليكم بالحجامة لا يتبيغ بأحدكم الدم فيقتله، وقيل : أصل يتبيغ يبتغى فقلب مثل جذب وجبذ.
(٤) الأدم ـ بضمتين ـ جمع الأديم : الجلد المدبوغ.
(٥) قال الطبرسي (ره) في مجمع البيان الأحقاف : هو واد بين عمان ومهرة عن ابن عباس ، وقيل : رمال فيما بين عمان الى حضرموت «انتهى» والشقوق والأجفر المذكوران في تفسير القمى (ره) ، موضعان بطريق مكة كما قاله الحموي.