بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) اى من بعد ان أممتم من المدينة الى الحرم وطلبوا منكم الصلح من بعد ان كانوا يغزونكم بالمدينة ، صاروا يطلبون الصلح بعد إذ كنتم تطلبون الصلح منهم. ثم أخبر الله عزوجل بعلة الصلح وما اجازه الله عزوجل لنبيه فقال : (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ) يعنى بمكة (لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ) فأخبر الله عزوجل نبيه ان علة الصلح انما كان للمؤمنين والمؤمنات الذين كانوا بمكة ولو لم يكن صلح وكانت الحرب لقتلوا فلما كان الصلح آمنوا وأظهروا الإسلام ، ويقال : ان ذلك الصلح كان أعظم فتحا على المسلمين من غلبهم.
٥١ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير وغيره عن معاوية بن عمار عن ابى عبد الله عليهالسلام قال : لما خرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في غزوة الحديبية خرج في ذي القعدة ، فلما انتهى الى الموضع الذي أحرم فيه أحرموا ولبسوا السلاح.
فلما بلغه ان المشركين قد أرسلوا اليه خالد بن الوليد ليرده قال : ابغوني (١) رجلا يأخذنى على غير هذا الطريق ، فأتى برجل آخر اما من مزينة واما من جهينة (٢) [فسأله فلم يوافقه ، فقال : ابغوني رجلا غيره فأتى برجل آخر اما من مزينة واما من جهينة قال :] (٣) فذكر له فأخذه معه حتى انتهى الى العقبة ، فقال : من يصعدها حط الله عنه كما حط الله عن بنى إسرائيل «فقال لهم (ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ) قال : فابتدرها خيل الأنصار : الأوس والخزرج ، قال : وكانوا ألفا وثمانمأة فلما هبطوا الى الحديبية إذا امرأة معها ابنها على القليب فسعى (٤) ابنها ربا فلما أثبتت
__________________
(١) اى اطلبوا لي.
(٢) مزينة : قبيلة من مضر ، وكذا جهينة : اسم قبيلة ، والترديد من الراوي.
(٣) بين المقفتين انما هو في المصدر دون النسخ الموجودة عندي.
(٤) القليب : البئر مطوية كانت أم غير مطوية ، سميت به لأنها قلبت الأرض بالحفر.