قال عز من قائل : و (هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).
٢٧ ـ في أصول الكافي باسناده الى الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبى الحسن عليهالسلام حديث طويل وفيه فقال : يا فتح انما قلنا : اللطيف للخلق اللطيف لعلمه بالشيء اللطيف ، أو لا ترى وفقك الله وثبتك الى اثر صنعه في النبات اللطيف ومن الخلق اللطيف ومن الحيوان الصغار ومن البعوض والجرجس (١) وما هو أصغر منها ما لا يكاد تستبينه العيون ، بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الأنثى ، والحدث المولود من القديم ، فلما رأينا صغر ذلك في لطفه واهتداء للفساد والهرب من الموت والجمع لما يصلحه وما في لجج البحار وما في لحاء الأشجار (٢) والمفاوز والقفار وإفهام بعضها عن بعض منطقها وما يفهم به أولادها عنها ونقلها الغذاء إليها ، ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة ، وبياض مع حمرة ، وانه ما لا يكاد عيوننا تستبينه لدمامة خلقها (٣) لا تراه عيون وتلمسه أيدينا ، علمنا ان خالق هذا الخلق لطيف لطف بخلق ما سميناه بلا علاج ولا أداة ولا آلة ، وان كل صانع شيء فمن شيء صنع ، والله الخالق اللطيف الجليل خلق وصنع لا من شيء.
٢٨ ـ على بن محمد مرسلا عن أبى الحسن الرضا عليهالسلام قال : اعلم علمك الله الخير وذكر حديثا طويلا يقول فيه عليه السلام : واما الخبير فالذي لا يعزب عنه شيء ، ولا يفوته ليس للتجربة ولا للاعتبار بالأشياء ، فعند التجربة والاعتبار علمان ولو لا هما ما علم ، لان من كان كذلك كان جاهلا ، والله لم يزل خبيرا بما يخلق والخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.
٢٩ ـ على بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عن ابى الحسن الماضي عليهالسلام قال : قلت : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) قال : ان الله ضرب مثل من حاد عن ولاية على
__________________
(١) الجرجس ـ بكسر المعجمتين ـ : البعوض الصغار فهو من قبيل عطف الخاص على العام.
(٢) لجة البحر : معظمه. واللحاء ـ بالكسر والمد ـ : قشر الشجر.
(٣) الدميم : الحقير ، يقال : رجل دميم وبه دمامة إذا كان قصير الجثة حقير الجثمان.