فأخبر المتوكل بذلك فلم يدر ما ذاك ، فقالوا : سل ابن الرضا وهو ابو الحسن على بن محمد العسكري صلوات الله عليهم ، فكتب اليه يسأله عن ذلك فقال ابو الحسن عليهالسلام : تلك بلاد الأحقاف وهم قوم عاد الذين أهلكهم الله عزوجل بالريح الصرصر.
٢٩ ـ في الخرائج والجرائح ان المهدي الخليفة أمر بحفر بئر بقرب قبر العبادي (١) لعطش الحاج هناك ، فحفروا أكثر من مأة قامة ، فبينما هم يحفرون إذ خرقوا خرقا وإذا تحته هواء لا يدري قعره وهو مظلم ، وللريح فيه دوي فأدلوا رجلين فلما خرجا تغيرت ألوانهما فقالا : رأينا هواء [واسعا] ورأينا بيوتا قائمة ورجالا ونساء وابلا وبقرا وغنما ، وكلما مسسنا شيئا رأيناه هباء فسألنا الفقهاء عن ذلك فلم يدر أحد ما هو ، فقدم ابو الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام على المهدي فسأله عن ذلك ، فقال : هؤلائك أصحاب الأحقاف ، وهم بقية من قوم عاد ، ساخت بهم منازلهم وذكر على مثل قول الرجلين.
٣٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم حكى الله عزوجل قول قوم عاد قالوا أجئتنا لتأفكنا اى تزيلنا عما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا من العذاب ان كنت من الصادقين وكان نبيهم هود وكانت بلادهم كثيرة الخير خصبة (٢) فحبس الله عنهم المطر سبع سنين حتى أجدبوا (٣) وذهب خيرهم من بلادهم ، وكان هو يقول لهم ما حكى الله : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) الى قوله (وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) فلم يؤمنوا وعتوا فأوحى الله الى هود : انه يأتيهم العذاب في وقت كذا وكذا ريح فيها عذاب اليم ، فلما كان ذلك الوقت نظروا الى سحاب قد أقبلت ، ففرحوا فقالوا : هذا عارض ممطرنا الساعة نمطر فقال لهم هود : بل هو ما استعجلتم به ريح في قوله : «(فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ رِيحٌ فِيها عَذابٌ
__________________
(١) قال الحموي : قبر العبادي منزل في طريق مكة من القادسية الى العذيب ثم ذكر القصة في ذلك فراجع مادة «قبر».
(٢) خصب المكان : كثر فيه العشب والكلاء.
(٣) أجدب القوم : أصابهم الجدب وهو المحل وانقطاع المطر ويبس الأرض.