ضربان ضرب يؤخذون قبل انقضاء القتال والحرب قائمة فهؤلاء يكون الامام مخيرا بين ان يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ويتركهم حتى ينزفوا ، ولا يجوز المن ولا الفداء والضرب الآخر الذين يؤخذون بعد ان وضعت الحرب أوزارها ، وانقضى القتال ، فالإمام مخير فيهم بين المن والفداء اما بالمال أو بالنفس وبين الاسترقاق وضرب الرقاب ، فان أسلموا في الحالين سقط جميع ذلك وكان حكمهم حكم المسلمين.
١٨ ـ (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها) وقيل لا يبقى دين غير الإسلام ، والمعنى حتى يضع حربكم وقتالكم أوزار المشركين وقبايح أعمالهم بان يسلموا ، فلا يبقى الا الإسلام خير الأديان ، ولا تعبد الأوثان ، وهذا كما جاء في الحديث والجهاد ماض منذ بعثني الله الى ان يقاتل آخر أمتي الدجال.
١٩ ـ في نهج البلاغة وخذوا من أجسادكم فجودوا بها على أنفسكم ولا تبخلوا بها عنها ، فقد قال الله سبحانه : (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) فلم يستنصركم من ذل وله جنود السموات والأرض وهو العزيز الحكيم ، وانما أراد ان يبلوكم أيكم أحسن عملا وبادروا بأعمالكم تكونوا مع جيران الله في داره رافق بهم رسله وأزارهم ملائكته وأكرم أسماعهم عن ان تسمع حسيس نار أبدا وصان أجسادهم ان تلقى لغوبا ونصبا (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) وفي كلامه عليهالسلام غير هذا لكنا أخذنا منه موضع الحاجة.
٢٠ ـ في روضة الواعظين للمفيد رحمهالله قال أمير المؤمنين عليهالسلام : ان الجهاد باب فتحه لخاصة أوليائه وسوغهم كرامة منهم ونعمة ذخرها ، والجهاد لباس التقوى ودرع الله الحصينة وجنته الوثيقة ، فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذلة وشمله البلاء وفارق الرجا وضرب على قلبه بالاسهاب وديث بالصغار والقماءة وسيم الخسف ومنع النصف (١) وأزيل فيه الحق بتضييعه الجهاد ، وغضب الله
__________________
(١) الإسهاب : ذهاب العقل. و «ديث بالصفار» اى ذلل بغير مديث اى مذل. والصغار : الذل والضيم والقماد مصدر قمؤ الرجل : اى صار قميئا وهو الصغير الذيل. «وسيم الخسف» من قوله تعالى : (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ). والخسف : الذل والمشقة والنصف الإنصاف.