مسعود الثقفي وكان عاقلا لبيبا وهو الذي أنزل الله فيه : (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) فلما اقبل الى رسول الله صلىاللهعليهوآله عظم ذلك وقال : يا محمد تركت قومك وقد ضربوا الابنية وأخرجوا العوذ المطافيل (١) يحلفون باللات والعزى لا يدعوك تدخل مكة ، فان مكة حرمهم وفيهم عين تطرف أفتريد أن تبيد أهلك (٢) وقومك يا محمد ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما جئت لحرب وانما جئت لا قضى مناسكي وانحر بدني وأخلى بينهم وبين لحمانها فقال عروة : والله ما رأيت كاليوم أحدا صد كما صددت ، فرجع الى قريش فأخبرهم فقالت قريش : والله لئن دخل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم مكة وتسامعت به العرب لنذلن ولتجترين علينا العرب ، فبعثوا حفص بن الأحنف وسهيل بن عمرو ، فلما نظر إليهما رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : قال ويح قريش قد نهكتهم الحرب (٣) الاخلوا بيني وبين العرب ، فان أك صادقا فانما آخذ الملك لهم مع النبوة ، وان أك كاذبا كفتهم ذؤبان العرب (٤) لا يسألني اليوم امرء من قريش خطة ليس لله فيها سخط الا أجبتم اليه ، فلما وافوا رسول الله صلىاللهعليهوآله قالوا : يا محمد لم لا ترجع عنا عامك هذا الى أن تنتظر الى ما يصير أمرك وأمر العرب [على ان ترجع من عامك] فان العرب قد تسامعت بمسيرك فاذا دخلت بلادنا وحرمنا استذلتنا العرب واجترت علينا ونخلي لك البيت في العام القابل في هذا الشهر ثلاثة أيام حتى تقضى نسكك وتنصرف عنا ، فأجابهم رسول الله صلىاللهعليهوآله الى ذلك وقالوا له : ترد إلينا من جاءكم من رجالنا ، ونرد إليك كل من جاءنا من رجالك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من جاءكم من رجالنا فلا حاجة لنا فيه ، ولكن على أن المسلمين بمكة لا يؤذون في اظهارهم الإسلام ، ولا
__________________
(١) قال الجزري : يريد النساء والصبيان. والعوذ في الأصل جمع عائذ وهي الناقة إذا وضعت وبعد ما تضع أياما حتى يقوى ولدها ، والمطافيل : الإبل مع أولادها ، يريد انهم جاؤا بأجمعهم كبارهم وصغارهم.
(٢) اى تهلكهم.
(٣) اى أضرت بهم وأثرت فيهم.
(٤) الذؤبان : الصعاليك واللصوص.