ورواه أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ مرفوعا ، فيقال : يا أمّة فلان ، وقال أبو صالح والضحاك : بكتابهم (١).
وقال الحسن وأبو العالية : بأعمالهم (٢).
وقال قتادة : بكتابهم الذي فيه أعمالهم (٣) ؛ بدليل سياق الآية. وقوله تعالى : (أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) [يس : ١٢].
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ وسعيد بن جبير : بإمام زمانهم الذي دعاهم في الدنيا إلى ضلال أو هدى (٤).
قال تعالى : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) [الأنبياء : ٧٣] وقال تعالى : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) [القصص : ٤١].
وقيل : بمعبودهم.
وأن تكون للحال ، فيتعلق بمحذوف ، أي : ندعوهم مصاحبين لكتابهم ، والإمام : من يقتدى به ، وقال الزمخشريّ : «ومن بدع التفاسير : أن الإمام جمع «أمّ» وأنّ النّاس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم دون آبائهم ، وأن الحكمة فيه رعاية حقّ عيسى ـ صلوات الله عليه ـ ، وإظهار شرف الحسن والحسين ، وألّا يفضح أولاد الزّنى» قال : «وليت شعري أيّهما أبدع : أصحّة لفظه ، أم بهاء حكمته؟».
وهو معذور لأنّ «أم» لا يجمع على «إمام» هذا قول من لا يعرف الصناعة ، ولا لغة العرب ، وأمّا ما ذكروه من المعنى ، فإنّ الله تعالى نادى عيسى ـ صلوات الله عليه ـ باسمه مضافا لأمّه في عدّة مواضع من قوله (يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ) [المائدة : ١١٠] ، وأخبر عنه كذلك ؛ نحو : (وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) [الصف : ٦] ، وفي ذلك غضاضة من أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه وكرّم وجهه.
قوله تعالى : (فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ) يجوز أن تكون شرطية ، وأن تكون موصولة ، والفاء لشبهه بالشرط ، وحمل على اللفظ أولا في قوله (أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) فأفرد ، وعلى المعنى ثانيا في قوله : «فأولئك» فجمع. لأن من أوتي كتابه في معنى الجمع.
__________________
وروي مثله عن أنس :
ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٥١) وعزاه إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه والخطيب في «تاريخه».
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ١١٦) عن الحسن والضحاك وذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ١٢٥).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ١١٦) وينظر : تفسير البغوي (٣ / ١٢٥).
(٣) ينظر : المصدر السابق.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٨ / ١١٦) عن ابن عباس ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٥١) وعزاه إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس.