وهذا غير طائل ، والقول بالتوكيد أظهر.
وقرأ العامة : «بنيانهم» ، وقوم (١) : بنيتهم ، وفرقة منهم (٢) أبو جعفر : بيتهم. والضحاك(٣) : بيوتهم.
والعامة : «السّقف» أيضا مفردا ، وفرقة : بفتح السّين ، وضمّ القاف بزنة «عضد» وهي لغة في «السّقف» ولعلّها مخففة من المضموم ، وكثر استعمال الفرع ؛ لخفّته ، كقولهم في لغة تميم «رجل» ولا يقولون : رجل.
وقرأ الأعرج (٤) : «السّقف» بضمتين ، وزيد (٥) بن علي : بضم السين ، وسكون القاف ، وقد تقدم مثل ذلك في قراءة (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) [النحل : ١٦] ثم قال : (وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) إن حملنا الكلام على محض التمثيل ؛ فالمعنى : أنّهم اعتمدوا على منصوباتهم ، ثم تولّد البلاء منها بأعيانها ، وإن حملناه على الظاهر ، فالمعنى : أن السّقف نزل عليهم بغتة.
ثم بين ـ تعالى ـ أن عذابهم لا يكون مقصورا على هذه القدر ، بل الله ـ تعالى ـ يخزيهم [يوم] القيامة ، والخزي : هو العذاب مع الهوان ؛ فإنه يقول لهم : (أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ).
قال أبو العبّاس المقريزيّ ـ رحمهالله ـ : ورد لفظ «الخزي» في القرآن على أربعة [معان](٦): الأول : بمعنى العذاب ؛ كهذه الآية ؛ وكقوله تعالى : (وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ) [الشعراء : ٨٧] أي : لا تعذّبني.
الثاني : بمعنى القتل ؛ قال تعالى : (فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) [البقرة : ٨٥] ، أي : القتل.
قيل : نزلت في بني قريظة ، ومثله : (ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) [الحج : ٩] أي : فضيحة. قيل : نزلت في النضر بن الحارث.
الثالث : بمعنى الهوان ، قال تعالى : (كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ) [يونس : ٩٨] أي الهوان.
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٤٧١ ، والمحرر الوجيز ٣ / ٤٠٠ والدر المصون ٤ / ٣٢١ ـ ٣٣٢.
(٢) ينظر : السابق.
(٣) ينظر : السابق.
(٤) وقرأ بها أيضا ابن محيصن وابن هرمز ينظر : الإتحاف ٢ / ١٨٢ ، والقرطبي ١٠ / ٦٥ ، والبحر ٥ / ٤٧١ والدر المصون ٤ / ٣٢٢.
(٥) وقرأ بها أيضا مجاهد ينظر : القرطبي ١٠ / ٦٥ ، والبحر ٥ / ٤٧١ ، والدر المصون ٤ / ٣٢٢.
(٦) في أ: أوجه.