لو قال الذي في يده الدار : إنّها لي وملكي ، وأقام على ذلك بيّنة ، وأقام المدّعى على دعواه بيّنة ، كان الحق أن يحكم بها للمدّعي ؛ لأنّ الله تعالى عزّ وجلّ إنّما أوجب البيّنة على المدّعى ولم يوجبها على المدّعى عليه ، ولكن هذا المدّعى عليه ذكر أنّه ورثة عن أبيه ولا يدري كيف أمرها ، فلهذا أوجب الحكم باستحلاف أكثرهم بيّنة ودفع الدار إليه (١). انتهى.
وهو صريح في عدم اعتباره الأكثرية بل وغيرها من وجوه التراجيح فيما نحن فيه ، فما ذكره الشهيدان (٢) وغيرهما (٣) من موافقته المفيد في اعتبار الأكثرية مطلقاً محل مناقشة.
وكذا نسبة ابن فهد في المهذب والشهيد في الدروس (٤) ذلك مع اعتبار الأعدلية قبله إلى قدماء الأصحاب كما في الأوّل ، وإلى أكثرهم كما في الثاني أيضاً محل مناقشة ؛ إذ لم نقف على قائل بذلك منهم عدا من ذكرناه. وكلمات باقيهم كما يستفاد من المختلف (٥) وإن تضمنت ذلك إلاّ أنّه فيما إذا كانت العين في يد خارجة ثالثة ، وهو ليس من خصائصهم ، بل أفتى به المتأخرون كما اعترفا به أيضاً.
وبالجملة : لا وجه لما ذكروه من النسبة ، كما لا وجه للاستدلال بما ذكر من الرواية للمفيد والإسكافي في مفروض المسألة ، كما اتفق للشهيد الثاني (٦) وجملة ممن تبعه (٧) ؛ لما عرفته.
__________________
(١) الفقيه ٣ : ٣٩.
(٢) الدروس ٢ : ١٠١ ، المسالك ٢ : ٣٩٠.
(٣) انظر المهذّب البارع ٤ : ٤٩٢.
(٤) المهذّب البارع ٤ : ٤٩٢ ، الدروس ٢ : ١٠١.
(٥) المختلف : ٦٩٣ ، ٦٩٤.
(٦) المسالك ٢ : ٣٩١.
(٧) انظر الكفاية : ٢٧٦ ، وكشف اللثام ٢ : ٣٥٤.