أتجوز شهادته له بعد أن يفارقه؟ قال : « نعم ، وكذلك العبد إذا أُعتق جازت شهادته » (١).
ووجه الظهور من التقرير والتشبيه.
وهذا القول في غاية القوّة لولا إطباق المتأخرين على خلافه لاعتبار جملة من نصوصه بالصحة والموثقية ، وانجبار الباقي بالشهرة القديمة والموافقة لفتوى من لا يرى العمل بأخبار الآحاد إلاّ بعد احتفافها بالقرائن القطعية وهو ابن زهرة (٢) ، وربما أشعر سياق عباراته بكون المنع مجمعاً عليه بين الطائفة.
ومع ذلك سليمة عما يصلح للمعارضة عدا العمومات ، وهي بها مخصّصة ؛ والرواية المتقدمة ، ودلالتها على الجواز غير صريحة ، بل ولا ظاهرة ، من حيث منع ثبوت الحقيقة العرفية للفظ الكراهة في تلك الأزمنة ، ومنع عدم تأدية المنع بمثلها بعد وقوع التأدية به عنه في النصوص كثيراً.
مع أنّ الظاهر أنّ المراد منها هنا الحرمة ؛ إذ لو قبل الشهادة لزم أداؤها ، فلا معنى للكراهة ، وبهذا صرّح من متأخري المتأخرين جماعة (٣) ، حيث اعترضوا على من حمل الأخبار المانعة على الكراهة بأنّها بعيدة ؛ إذ الشهادة لو كانت مقبولة ينبغي وجوبها عيناً مع عدم الغير ، وإلاّ كفايةً ، فتأمّل جدّاً.
__________________
(١) التهذيب ٦ : ٢٥٧ / ٦٧٤ ، الإستبصار ٣ : ٢١ / ٦٣ ، الوسائل ٢٧ : ٣٧١ كتاب الشهادات ب ٢٩ ح ١.
(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٢٥.
(٣) منهم الأردبيلي في مجمع الفائدة ١٢ : ٤٠٩ ، والسبزواري في الكفاية : ٢٨٣.