الحكم بالاجتهاد فلا ينقض بالاحتمال ؛ وأنّ الشهادة إقرار والرجوع إنكار ، والإنكار بعد الإقرار غير مسموع ، وأنّ الشهادة أثبت الحق فلا يزول بالطارئ كالفسق والموت.
( و ) منه يظهر ضعف ما اختاره الشيخ ( في النهاية ) والقاضي وابن حمزة (١) من أنّه ( إن كانت العين ) المحكوم بها للمشهود له ( قائمة ) عنده ( ارتجعت ) منه ( ولم يغرما ) شيئاً ( وإن كانت تالفة ضمن الشهود ) مثلها أو قيمتها للمشهود عليه.
ومع ذلك حجتهم عليه غير واضحة ، عدا ما استدل لهم جماعة من أنّ الحقّ ثبت بشهادتهما ، فإذا رجعا سقط كما لو كان قصاصاً (٢).
وهو كما ترى ، لما فيه من إعادة المدّعى ، والقياس المتضمن فارقاً ؛ فإنّ القصاص يسقط بالشبهة ، بخلاف الحق المالي ، مع أنّه جارٍ فيما إذا استوفي العين وتلفت ، ولم يقولوا فيه بما هنا ، بل التزموا بالحكم ثمّة ، فتأمّل جدّاً.
وأمّا ما في الكفاية (٣) من الاستدلال لهم بالصحيح : في شاهد الزور ، قال : « إن كان الشيء قائماً بعينه ردّ إلى صاحبه ، وإن لم يكن قائماً ضمن بقدر ما تلف من مال الرجل » (٤) فضعيف في الغاية ، بل هو غفلة واضحة ؛ لوضوح الفرق بين شهادة الزور والرجوع عن الشهادة ؛ لأعميته عن الأوّل
__________________
(١) النهاية : ٣٣٦ ، القاضي في المهذب ٢ : ٥٦٤ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٢٣٤.
(٢) منهم الفاضل المقداد في التنقيح ٤ : ٣٢٢ ، والسبزواري في الكفاية : ٢٨٨ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٣ : ٢٩٧.
(٣) الكفاية : ٢٨٨.
(٤) الكافي ٧ : ٣٨٤ / ٣ ، الفقيه ٣ : ٣٥ / ١١٦ ، التهذيب ٦ : ٢٥٩ / ٦٨٦ ، الوسائل ٢٧ : ٣٢٧ كتاب الشهادات ب ١١ ح ٢.