بدمشق ، وأولها أن الأديب علي بن أيبك الصفدي ، عمل قصيدة لامية على وزن «بانت سعاد». وعرضها على الأدباء والعلماء فقرظوه ، ومنهم صدر الدين علي بن علاء الدين ابن أبي العز الحنفي ، ثم انتقد فيها أشياء ، فوقف عليها علي بن أيبك المذكور ، فساءه ذلك ودار بالورقة على بعض العلماء ، فأنكر غالب من وقف عليها وشاع الأمر.
فالتمس ابن أيبك من ابن أبي العز أن يعطيه شيئا ويعيد إليه الورقة فامتنع ، فدار على المخالفين وألّبهم عليه ، وشاع الأمر ، إلى أن انتهى إلى مصر فقام بعض المتعصبين إلى أن انتهت القضية للسلطان ، فكتب مرسوما طويلا منه :
«بلغنا أن علي بن أيبك مدح النبي صلىاللهعليهوسلم بقصيدة ، وأن علي ابن أبي العز اعترض عليه وأنكر أمورا منها التوسل بالنبي صلىاللهعليهوسلم والقدح في عصمته وغير ذلك ، وأن العلماء بالديار المصرية ـ خصوصا أهل مذهبه من الحنفية ـ أنكروا ذلك فيتقدم بطلبه وطلب القضاة والعلماء من أهل المذاهب ويعمل معه ما يقتضيه الشرع من تعزير وغيره». وفي المرسوم أيضا :
«بلغنا أن جماعة بدمشق ينتحلون مذهب ابن حزم وداود ويدعون إليه ، منهم القرشي وابن ألجاي (كذا) (١) وابن الحسباني ، والياسوفي ، فيتقدم بطلبهم ، فإن ثبت عليهم منه شيء عمل بمقتضاه من ضرب ونفي وقطع معلوم ، ويقرر في وظائفهم غيرهم من أهل السنة والجماعة». وفيه :
«وبلغنا أن جماعة من الشافعية والحنابلة والمالكية يظهرون البدع ومذهب ابن تيمية». فذكر نحو ما تقدم في الظاهرية ، فطلب النائب القضاء وغيرهم ، فحضر أول مرة القضاة ونوابهم وبعض المفتيين ، فقرئ عليهم المرسوم ، وأحضر خط ابن أبي العز فوجد فيه قوله : «حسبي رسول الله : هذا لا يقال إلا لله!» وقوله : «اشفع
__________________
(١) هي مصحفة غالبا عن (الجابي) فيكون أحمد بن عثمان الياسوفي الأصل ، الدمشقي المعروف بابن الجابي. مات سنة ٧٨٧.