لم أجده (١) أو لم أجد له أصلا وبعضهم يقول لا أصل له. وهذا كله معروف عند العلماء ، وهذا التعبير الأخير منتقد عند بعض المحققين ، لما فيه من الاطلاق الموهم أنه لا أصل له عند العلماء قاطبة ، ومثل هذا الحكم صعب ، فبالأولى التعابير التي قبله.
فهل المتعصب الجائر على جهل بهذا ، أم هو يتجاهل لغاية في نفسه. فإن كنت لا تدري ...
وغالب الظن أنه جمع المصيبتين الجهل والتجاهل معا ، أما الجهل فيدل عليه قوله المتقدم ذكره عنه : «فكان ما ذا إذا عرفه غيره كالشارح أو غيره مثلا».
قلت : فظاهر هذه العبارة أنه أراد المتن ، أي أن الشارح عرف المتن الذي لم أعرف أنا! وأنا إنما أعني كما جرى عليه من قبلي من المحدثين : لم أعرف إسناده ، فما الفائدة من معرفة الشارح لهذا المتن. وكل أحد يعلم ذلك من كتابه ، وإن كان يعني المتعصب الجائر أن الشارح عرف إسناده ـ وهذا بعيد جدا عن ظاهر كلامه ـ فمن أين له ذلك والشارح ، لم يخرجه ، ليمكننا الرجوع إلى مخرجه ولننظر في إسناده؟
__________________
(١) قلت : وهذا التعبير يكثر من استعماله أئمة الحديث في كتب «التخريجات» ، أمثال الحافظ الزيلعي والعراقي والعسقلاني ، وغيرهم ، وقد وجدت العراقي قد قال «لم أجده» في الجزء الأول من «تخريج الإحياء» في أكثر من عشرة أحاديث ، وهذه صفحاتها من الطبعة التجارية : (٩٢ ، ١٤٨ ، ١٥٠ ، ١٥٧ ، ١٥٩ ، ١٦٦ ، ١٧٠ ، ١٨٣ ، ١٨٧ ، ١٩٢ ، ٢٩٩ ، ٣٠٧).
وقال في نحو هذا العدد من الأحاديث : «لم أجد له أصلا». (٧٦ ، ٨١ ، ١٠٢ ، ١٣٥ ، ١٤١ ، ١٧٧ ، ١٩٨ ، ٢٠٠ ، ٢٣٢ ، ٢٤٠ ، ٢٤١ ، ٣١٧) ، وقال مرة : «لم أجد له إسنادا» (٢٩٦).
وتارة يقول : «قال ابن الصلاح : لم أجد له أصلا ، وقال النووي : غير معروف» (ص ١٣٧) ، وهذا مثل قولي : «لا أعرفه» ، فهل يفهم أحد من هذا التعبير ، غير هذا المتعصب أن العراقي يعني به لم يجد متنه وهو يراه مائلا أمامه ، وحينئذ فأي فرق بين «لم أجده» و «غير معروف» و «لم أعرفه»؟!