ومنه قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) آل عمران : ٣٣. قال الآخرون : قد يذكر «العالمون» ، ولا يقصد به العموم المطلق ، بل في كل مكان بحسبه ، كما في قوله تعالى : (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) الفرقان : ١. (قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) الحجر : ٧٠. (أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ) الشعراء : ١٦٥. (وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ) الدخان : ٣٢.
ومنه قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) البيّنة : ٧. والبرية : مشتقة من البرء ، بمعنى الخلق ، فثبت أن صالحي البشر خير الخلق. قال الآخرون : إنما صاروا خير البرية لكونهم آمنوا وعملوا الصالحات ،
__________________
هو فالحديث متصل الاسناد ، صحيح كما قال الشيخ احمد ، لكن استئناسه على ذلك برواية ابن عساكر التي نقلها عن تفسير ابن كثير ، مما لا يصلح له ، لأن ابن عساكر اورده (١٥ / ٦٦ / ١ ـ ٢) من طريق محمد بن أيوب بن الحسن الصيدلاني وفي ترجمته ساق الحديث ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، ودونه جماعة لم اجد من ترجمهم ، فمثل هذا الاسناد الواهي ، لا يترجح كون الانصاري هو أنس ، على أنني قد وقفت له في ابن عساكر على طريق اخرى ضعيفة أيضا ، سمي فيه الصحابي عبد الله جابر الانصاري ، أخرجه (٩ / ٤٠٧ / ٢) من طريق هشام بن عمار : نا عبد ربه بن صالح القرشي قال : سمعت عروة بن رويم يحدث عن جابر بن عبد الله الانصاري مرفوعا به. والقرشي هذا لم أجد له ترجمة وهشام بن عمار وان أخرج له البخاري فهو متكلم فيه أيضا قال الحافظ في «التقريب» : صدوق ، مقرئ ، كبر فصار يتلقن». وجملة القول أن حديث ابن رويم هذا ضعيف لجهالة الانصاري واضطراب الروايتين الاخيرتين في تعيينه ، فأولاهما تقول انه أنس ، والأخرى تقول : انه جابر ، ولا يصلح عندي تقويته بحديث عبد الله بن صالح لاحتمال انه مما أدخل عليه ، قال ابن حبان : «كان في نفسه صدوقا ، انما وقعت المناكير في حديثه من قبل جار له ، كان بينه وبينه عداوة ، كان يضع الحديث على شيخ ابي صالح ويكتبه بخط يشبه خط عبد الله ، ويرميه في داره بين كتبه ، فيتوهم عبد الله أنه خطه فيحدث به!».
هذا ، ويحتمل أن يكون أصل الحديث من الاسرائيليات التي كان يحدث بها بعض الذين اسلموا من أهل الكتاب ، ثم اخطأ بعض الرواة فرفعه الى النبي صلىاللهعليهوسلم كما صنعوا بقصة هاروت وماروت. والله أعلم.