يرجح التصحيح بدون مرجح ، وإنما تقليدا منه لشيخه الكوثري فقال (ص ٢١٥) :
«وقد جاءت كلمته رحمهالله تعالى على وجازتها ملخصة المسألة أحسن تلخيص ، اذ قال : «ولا كلام في صحة الحديث من حيث الصناعة ، لكن حكمه حكم أخبار الآحاد الصحيحة في المطالب العلمية». فأفاد بهذا الإيجاز البالغ أن الخبر على صحته لا ينهض في بابه وموضوعه ، لأنه من المطالب العلمية التي تتوقف على اليقينيات وما قاربها. فلا بد على هذا من تأويل الخبر مع قولنا بصحته لمخالفته ما هو من الأمور العلمية ، والله تعالى أعلم».
هكذا قال هذا المسكين ، ولم يدر أنه بهذه الفلسفة التي تلقاها من شيخه يجعله كما تقول العامة : «كنا تحت المطر ، فصرنا تحت المزارب» ، لأنه فتح على نفسه بابا للشباب الذين لا علم لهم بالسنة أن يردوا كل حديث صحيح ورد في الأمور التي ليست من الأحكام ، وإنما هي في المعجزات أو بدء الخلق والجنة والنار ، وبكلمة واحدة في الغيبيات التي تتوقف على اليقينيات بزعمه ويعني بذلك الأحاديث المتواترة ، ثم تحفظ فقال : «أو ما قاربها» ويعني الأحاديث المشهورة التي رواها أكثر من اثنين. أما الحديث الذي تفرد به الثقة وهو صحيح عند أهل العلم فليس حجة في الغيبيات عنده فلا بد من تأويله بزعمه ، وليت شعري كيف يؤول مثل هذا الحديث الذي يتحدث عن واقعة معينة؟ اللهم إلا بإنكار معناه وتعطيله حتى يتفق مع العقول المريضة والقلوب العليلة ، تماما كما فعلوا في آيات الصفات وأحاديثها! ثم إن المتعصب المذكور يبدو أنه بعد أن كتب عن شيخه ما كتب وقف على كلام شيخ الاسلام ابن تيمية في هذا الحديث فألحقه بكلام شيخه قائلا :
«على أن الذي يقرأ كلام الشيخ ابن تيمية يجزم بوضع الحديث»!
هكذا قال بالحرف الواحد ، فليتأمل القارئ كيف حكم في أول الأمر بصحة الحديث ، ثم ختمه بهذه العبارة التي توهم أنه قد مال أخيرا إلى أن الحديث موضوع! والحقيقة أنه لضعفه في هذا العلم لا يستطيع أن يقطع فيه برأي ، هذا اذا أحسنا الظن به ، وإلا فمن غير المعقول أن يخالف شيخه الكوثري إلى رأي ابن تيمية الذي حكم عليه شيخه بأن أكبر بلية أصيب المسلمون بها إنما هو ابن تيمية! وإنما