حكى القولين المتناقضين ليفسح له المجال للدفاع عن نفسه إذا ما خاصمه أنصار أحدهما. ولله عاقبة الأمور (١).
٣ و ٤ ـ يريد المتعصب الجائر بما أخذه علي في الفقرتين السابقتين ، الطعن في قيمة تخريجي لأحاديث الكتاب ، كأنه يقول : كما وهم في إنكاره اللفظ المخرج عند الترمذي ، فمن الممكن أن يكون نفيه لكون الحديث الآخر في «الصحيح» وهما منه أيضا!
وجوابي على ذلك أن أقول : إذا فتح باب رد كلام الثقة بدون حجة ، وإنما لمجرد إمكان كونه أخطأ ، أو لأنه أخطأ فعلا في بعض المواطن ، لم يبق هناك مجال لقبول خبر أو علم أي ثقة أو عالم في الدنيا ، لأنه لا عصمة لأحد بعد نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم كما هو معلوم من الدين بالضرورة. وإن مما يدلك أيها القارئ على تحامل هذا المتعصب ، وأنه يقول في نقده إياي ما لا يعتقد ، أنه هو نفسه قد طبع في تعليقه على «الرفع والتكميل» (ص ١٢٢ ـ الطبعة الثانية) ما نصه :
«وقد يقع للثقة وهم أو أوهام يسيرة ، فلا يخرجه ذلك عن كونه ثقة»!
فهل نسي المتعصب الجائر قوله هذا أم تناساه؟! وصدق الله العظيم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ). (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ).
وإذا كان هذا المتعصب الجائر يحاول أن يسقط الثقة بمخرج «شرح الطحاوية» لوهم أو أكثر من وهم ، فما ذا يقول في شارح «الطحاوية» نفسه الذي يتظاهر هو بتبجيله والثقة به في مطلع تقريره وهو قوله :
«يرى الناظر في شرح الطحاوية أن الشارح لها من أهل التوثق والضبط والإتقان فيما ينقله من الأحاديث».
ونحن وإن كنا نعتقد أن الشارح رحمهالله تعالى هو من أهل الثقة والضبط حقا ، فإني أريد أن أحصر هنا الأوهام التي تنبهت لها ، وليس ذلك من باب الطعن فيه ، ورفع الثقة عنه ، كما هو ظاهر من ردنا الآنف على المتعصب الجائر ، وإنما لأمرين :
__________________
(١) والحق عندنا مع ابن تيمية كما شرحته قديما في «سلسلة الاحاديث الضعيفة» (٩٧١).