وقدم وأخر ، وتفرد فيه بأشياء لم ينابع عليها ... ولكن للحديث طرقا أخرى ، يدل مجموعها على أن له أصلا».
ثم خرج الحافظ هذه الطرق التي أشار إليها ، وبعضها حسن عنده ، وابن رجب يقول فيها : «لا تخلو من مقال». ولذلك كنت توقفت عن إعطاء حكم صريح لهذا الحديث بالصحة حتى يتيسر لي النظر في طرقه ، ثم يسر الله لي ذلك ، منذ بضع سنين ، فتبين لي أنه صحيح بمجموعها ، وأودعت تحقيق الكلام فيها ، وبيان ما لها وما عليها في «سلسلة الأحاديث الصحيحة» (١٦٤٠) ، وبناء على ذلك جزمت بصحته في هذه الطبعة كما تراه في الصفحة (٤٩٨).
والوجه الآخر : إذا كان المتعصب الجائر أخذ علي تضعيفي لإسناد الحديث دون متنه الذي كنت توقفت فيه إلى أن يتيسر لي تتبع طرقه ، فما ذا يقول في شيخه زاهد الكوثري الذي علق عليه في «الأسماء والصفات» للبيهقي (ص ٤٩١) بما يؤخذ منه أنه حديث منكر عنده جزما ، لأنه نقل كلام الذهبي المتقدم وفيه «ولم يرو هذا المتن إلا بهذا الاسناد» ثم أقره عليه ، ولم يتعقبه بشيء كما فعل الحافظ ، ولا تحفظ تحفظي السابق ، الأمر الذي يشعر الواقف على كلامه بأن الحديث عنده منكر لا يحتمل تقويه بطرقه ، خلافا لما صنعته أنا.
فيا أيها القارئ الفاضل : أليس الواجب على هذا المتعصب الجائر ، أن يقدر تحفظي هذا حق قدره ، بديل أن ينتقدني ، بل أن يوجه نقده إلى شيخه؟! بلى ثم بلى ، ذلك هو الواجب عليه لو تجرد عن الغرض والهوى ، وصدق من قال :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة |
|
ولكن عين السخط تبدي المساويا |
وإذا كان هذا الجائر لم يجد في كل ما خرجته من أحاديث الكتاب ـ وهي تبلغ المئات ـ ما يتشبث به لينتقدني فيه إلا هذا الحديث الفرد على التفصيل الذي سلف ، ولي فيه سلف كما رأيت ، فما ذا يقول في نقد شيخه الكوثري لعشرات الأحاديث الصحيحة مما أخرجه الشيخان في «صحيحيهما» أو أحدهما ، فضلا عن غيرها من الأحاديث الثابتة عند أهل الحديث ، وذلك في رسائله وتعليقاته على بعض كتب السنة وغيرها ، ولا سلف له في تضعيف اكثرها! ولا بأس من أن أذكر في هذه