فترى أن كاتب الاستدراك إنما هو أنا ، والمصحح المشار إليه إنما له فضل التنبيه إلى وجود الحديث في الترمذي ، فلما راجعت له بعض المصادر وجدتني قد كنت خرجته في تعليقي على «المشكاة» قبل تخريجي لشرح الطحاوية بسنوات.
فتأمل أيها القارئ الكريم هل في استدراكي هذا معترفا بالوهم ، وعدم المكابرة فيه ـ كما قد يفعل غيري ـ ما يذم عليه صاحبه أم يمدح؟ ثم انظر كيف يقلب الحقائق فيأخذ من كلامي المذكور في «الاستدراك» نفسه أن الحديث في «المشكاة» وأنه رواه ابن جرير أيضا ، وأنا الذي ذكرته فيه معزوا إليه! فيتجاهل ذلك ، ولا ينسبه إلي ، وإنما إلى غيري! فهو يشيع الخطأ عن أخيه المسلم ولو بعد اعترافه ، ويكتم فضله عن الناس ، أهكذا يكون حال المسلم الذي علق في كتاب «الرفع والتكميل» (ص ٥١) : قال التابعي الجليل محمد بن سيرين :
«ظلم لأخيك أن تذكر منه أسوأ ما تعلم ، وتكتم خيره»؟! وصدق الله العظيم (... كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ). ورسول الله صلىاللهعليهوسلم إذ يقول : «إذا لم تستح فاصنع ما شئت»
٥ ـ من الواضح أن المتعصب الجائر يشير في هذه الفقرة إلى الطعن في لتضعيفي إسناد هذا الحديث وقد رواه البخاري. وجوابي عليه من وجهين :
الأول : انني لست مبتدعا بهذا التضعيف ، بل أنا متبع فيه لغيري ممن سبقني من كبار أئمة الحديث وحفاظه ، مثل الذهبي في «الميزان» ، وابن رجب الحنبلي في «شرح الأربعين النووية» ، والحافظ ابن حجر العسقلاني في «فتح الباري» ـ كتاب الرقاق ـ وقد نقل هذا عن الذهبي أنه قال في ترجمة راويه خالد بن مخلد :
«هذا حديث غريب جدا ، لو لا هيبة «الصحيح» لعدّوه في منكرات خالد بن مخلد ، فإن هذا المتن لم يرو إلا بهذا الاسناد ، ولا خرجه من عدا البخاري ، ولا أظنه في «مسند أحمد» قال الحافظ ابن حجر : «قلت : ليس هو في مسند أحمد جزما ، وإطلاق أنه لم يرو هذا المتن إلا بهذا الاسناد مردود ، ومع ذلك فشريك شيخ شيخ خالد ـ فيه مقال أيضا ـ وهو راوي حديث المعراج الذي زاد فيه ونقص ،