فحسبكمو هذا التفاوت بيننا |
|
وكل إناء بالذي فيه ينضح |
بل ما ذا يقول هذا المتعصب الجائر الجاني على نفسه فيما جاء في «مقدمة إعلاء السنن» تحت عنوان «ذكر بعض المغامز في «الصحيحين» وتكلف الجواب عنها»! قال مؤلفه الشيخ ظفر أحمد العثماني التهانوي عقبه (ص ٤٦٣) :
«وما يقوله الناس : إن من روى له الشيخان فقد جاوز القنطرة ، هذا من التجوّه (أي التكلف) ولا يقوى ..» ثم أطال في الاستدلال لما قال!
والغرض من إيراد هذا هنا أن يعلم القارئ الكريم أن هذه المقدمة قام على طبعها والتعليق عليها المتعصب الجائر ، وقد علق في أكثر من موضع منها متعقبا على المؤلف ، وأما هنا فإنه سكت عنه ، ولم يتعقبه بشيء البتة الأمر الذي يدل على أنه مع المؤلف فيما غمز به «الصحيحين» ، وفي رد قول الناس المذكور. وقد كنت ذكرت نحوه في مقدمة الطبعة الثالثة ، وقد سبق حكايته في هذه المقدمة (ص ٢١) ، وإن القارئ ليزداد عجبا من هذا العنوان وما تحته إذا علم أن لفظة «الناس» فيه ، إنما المراد به الحافظ الذهبي وأمثاله من كبار المحدثين ، الذين يعرفون فصل «الصحيحين» ، ودقة تحريهما للأحاديث الصحيحة ، على ما هو مشروح في كتب «علم مصطلح الحديث» و «مقدمة فتح الباري» للحافظ ابن حجر ، وغيره ، فتجد هذا المتعصب يتابع المؤلف المشار إليه في نقد «الصحيحين» نقدا عاما انتصارا لمذهبهم الحنفي ، الذي لا يأخذ بكثير من أحاديثهما ، وقد مضت بعض الأمثلة على ذلك مما رده الكوثري شيخ هذا المتعصب المشار إليه من أحاديثهما.
هذا حال هذا المتعصب الهالك ، وموقفه من «الصحيحين» الحالك ، ومع ذلك ، فهو لا يستحي أن يتظاهر بالغيرة عليهما ، والمدافعة عنهما ، من أجل حديث واحد لأحدهما ، قلنا في إسناده ما قاله أهل الاختصاص فيه ، دون أن نتجرأ على تضعيف متنه ، حتى يتيسر لنا البحث في طرقه ، فلما منّ الله علينا به ، تبينت لنا صحته والحمد لله تعالى.
وهذه خدمة لصحيح الامام البخاري اقدمها بفضل الله بعد أن قرأت ما قاله الحافظ الذهبي وابن رجب وغيرهما ، وهنا يصح لنا أن نتمثل بقول الشاعر.