الكذب والخيانة في النقل! مما يدل على أنه ألد أعداء أهل السنة والحديث اطلاقا في العصر الحاضر.
وإذا كان كذلك ، فأبو غدة عدو لدود أيضا لهم ، ولا يمكن أن يكون غير ذلك ؛ وهو يضفي تلك الألقاب الضخمة عليه (١) ، فإلى أن يتبرأ من شيخه في معاداته
__________________
(١) أعني قوله : «أستاذ المحققين الحجة ...» الخ ما تقدم عنه ـ ولا شك أن هذا الاطراء من أبي غدة لشيخه الكوثري المعروف بشدة عدائه لأهل السنة ، لهو مستنكر أشد الاستنكار عند جماهير القراء ، ولكن ما ذا يكون شعورهم اذا علموا أن هذا التلميذ البار تلقى مثل هذا الاطراء من شيخه نفسه ، مزكيا به الشيخ نفسه بنفسه على غلاف كتابه؟ فقد جاء تحت عنوان كتابه «تأنيب الخطيب» الذي طبع تحت إشرافه وتصحيحه ما نصه : «تأليف الامام الفقيه المحدث والحجة الثقة المحقق العلامة الكبير ..»! انظر «التنكيل» (١ / ٥)
ثم سرت هذه العدوى إلى التمليذ نفسه ، فقد نشر هو نفسه نشرة ، أو بعض أصحابه بإشرافه هو طبعا وبعلمه ، لأن ما فيها من المعلومات الدقيقة عن حياته وأموره الخاصة به ، لا يمكن معرفته عادة إلا من طريق المترجم نفسه ، فقد جاء فيها ـ وهي بعنوان : «من أعلام الحركة الإسلامية المعاصرة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة» ـ ما ملخصه :
ـ «إن أكبر دليل على عظمة هذا الدين ، وأنه من صنع الله العليم الخبير ، قدرته على صنع الرجال العظام الأفذاذ» ثم ذكر عمر رضي الله عنه (ولا أدري لم لم يذكر أبا بكر الصديق رضي الله عنه مع أنه أعظمهم بعد النبي صلىاللهعليهوسلم) وخالد بن الوليد وسلمان الفارسي. ثم عدد رجالا من اعلام الاسلام في العصر الحاضر ثم الشيخ عبد الفتاح أبو غدة! وترجم له ترجمة مستفيضة في خمس صفحات كبار وصف فيها بما يأتي :
«العالم الفذ ، والعامل المجاهد ، والمربي الناصح الرشيد ، علامة البلاد غير مدافع ، ورجلها الموثوق بدينه وعلمه وسيرته ، علامة الشام ، جمع إلى علمه الفذ الغزير التقوى والخشية من الله في السر والعلن (!) ، فهو وقاف عند حدود الله لا يتعداها ، مبتعد عن الشبهات والمكروهات (!) ما عرف عنه قط أنه أمر بمعروف إلا وطبقه على نفسه (!) ومن يعول (!) ولا نهى عن منكر إلا وقد اجتنبه هو ومن يعول. لديه غرام نادر في معرفة التراث الإسلامي مخطوطه ومطبوعه فما ذكر أمامه محطوط أو مطبوع إلا بسط لك خصائص الكتاب ومجمل محتواه ، واين طبع وكم طبعة له إن كان مطبوعا ، ومكان وجوده وتاريخ نسخه إن كان مخطوطا». قلت : ومن الطرائف أن أحد الطرفاء الأذكياء لما سمع هذا الوصف الأخير : قال : هذا هو الله تبارك وتعالى! يشير إلى ما فيه من الغلو والاطراء بالحفظ الّذي لا يبلغه الشر!