قوله تعالى : (وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ).
المسومة : إما بمعنى الراعية من سامت الإبل سوما إذا ذهبت لترعى ، أو بمعنى المعلّمة لتعرف من غيرها من السمة بمعنى العلامة ، ومنه قوله صلىاللهعليهوآله يوم بدر : «سوموا فإن الملائكة قد سومت» ، أي اعملوا لكم علامة يعرف بها بعضكم بعضا ، وهي تلك الخيل التي يقتنيها الأغنياء وغيرهم للافتخار والتباهي ، مضافا إلى كونها ممّا يبذل بإزائها المال الكثير.
والأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ، وإنها أموال أهل القرى والبادية ، ومنها يكون معاشهم وثروتهم.
والحرث اسم لكلّ ما يحرث ، أي المغروس والمزروع ، فيشمل نفس الزرع وتربيته ، فيكون فيه معنى الكسب. والحاجة إليه أشدّ من غيره ، وحبّه لا يكون ضارا بأمور الآخرة ، ولذلك أخّره عن الأنواع السابقة ، وبذلك تتمّ جميع ما يزين أصناف الناس ، فقد ذكر سبحانه الأنواع التي توجب الافتنان بكلّ صنف ، فالذهب والفضة لأهل التجارة والخيل للملوك وأهل الجاه والمقام ، والأنعام لأهل البادية ، والحرث لأهل القرى والأرياف ، فتصلح الآية الشريفة لكلّ عصر ومصر من دون اختصاصها بصنف خاص ومورد كذلك.
قوله تعالى : (ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا).
المتاع اسم لكلّ ما يتمتّع به ، ويعبّر عنه لكلّ ما هو في معرض الزوال والاندثار ، والتعبير به للتزهيد في الدنيا والترغيب للآخرة ، التي هي دار البقاء والحيوان ، أي : ما ذكر من المشتهيات هي امور يتمتّع بها في هذه الدنيا الفانية التي يتزوّد منها برهة من الزمن ، يقضي بها حوائجه من دون أن تكون باقية دائمة.
قوله تعالى : (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ).
المآب : المرجع ، وحسن المآب هو المرجع الذي لا فناء فيه ولا عناء والمنزّه عن كلّ نقص وعيب ، فلا يشغل المتاع الزائل في الدنيا عن الخير الآجل والمطلق في العقبى.