الآية : ٣٥] ، وقال تعالى : (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [سورة يوسف ، الآية : ٩٨].
ومادة (ذنب) تأتي بمعنى التبعة ، أي القبح الذي يتبع صاحبه ، والفرق بينه وبين الجرم بالاعتبار ، لأنه بمعنى القطع ، أي يقطع ارتباط صاحبه بالله تعالى ، فكلّ مجرم مذنب وكذا العكس.
والآية المباركة في مقام بيان استنجاز الوعد بعد الإيمان بالله تعالى ولذا فرع غفران الذنوب على الإيمان ، يعني : أننا وفينا بما عهد إلينا وهو الإيمان ، فانجز اللهم بوعدك بستر ذنوبنا بعفوك وخلاصنا من عذابك. وعهد الله تعالى هذا مذكور في جملة من الآيات صريحا وضمنا ، منها قوله تعالى : (وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ) [سورة الأحقاف ، الآية : ٣١] ، وقوله تعالى : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) [سورة الزمر ، الآية : ٥٣] ، وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ* تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [سورة الصف ، الآية : ٩ ـ ١٢].
ومعنى الآية الشريفة : الذين يؤمنون ويعترفون بحقيقة العبوديّة لله تعالى والإيمان به عزوجل ، ويجعلون ذلك وسيلة لطلب غفران الذنوب ونجاتهم من عذاب النار ، لهم جنات تجري من تحتها الأنهار.
والآية المباركة ليست في مقام المنّة عليه عزوجل ، بل له تعالى المنّة على عباده أن هداهم إلى الإيمان.
وإنما خصّوا اسم الربّ في دعائهم لما فيه من إظهار العبوديّة والاسترحام.
وإطلاق الآية المباركة يشمل جميع الذنوب الكبيرة والصغيرة ، وقد قرّر عزوجل إيمانهم مع ذلك ، فتكون الآية الشريفة حجّة على من قال بأن ارتكاب الكبيرة لا يجتمع مع الإيمان.
نعم ، لو أراد أنه حين الارتكاب يزول إيمانه العملي بخصوص ما ارتكبه ، كما