هو المستفاد من قوله صلىاللهعليهوآله : «لا يزني الزاني وهو مؤمن» ، فله وجه ، لكنّه لا ينافي بقاء أصل الإيمان بنحو الجملة والإجمال.
والوقاية من عذاب النار والنجاة منها أعمّ من المغفرة والدخول في الجنّة ، وإنما طلبوا النجاة من عذاب النار لأنها الوسيلة للوصول إلى الجنّة ومقدّمة له.
قوله تعالى : (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ).
الصابر هو الحابس نفسه عن ارتكاب المعاصي والملازم لامتثال الأوامر ، والصادق المخبر بالشيء على ما هو عليه ، والقانت المطيع ، والقنوت لزوم الطاعة مع الخضوع ، وقد فسّر بكلّ واحد منهما أيضا ، ولكن إذا استعمل في الأنبياء والأولياء وعباد الله المخلصين يراد به هما معا ، قال تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ) [سورة النحل ، الآية : ١٢٠] ، والإنفاق هو بذل ما هو راجح بذله ، فيشمل المال والجاه والعلم وقضاء حوائج الناس ، والأسحار جمع سحر ، وهذه المادة في أية هيئة استعملت تفيد معنى الخفاء والإخفاء. وفي المقام عبارة عن اختلاط ظلام آخر الليل بضياء الفجر ، وهو اسم لذلك الوقت ، وهو أفضل الأوقات وأشرفها وأحسنها للعبادة ، وأطيبها لحضور القلب والإقبال على الدعاء والمناجاة مع الربّ ، وأبعدها عن مداخلة الرياء ، وكلّما قيل في مدحه وفضله فهو قليل ، فكم لله تعالى فيه من نفحة عطرة منّ بها على من يشاء وجائزة موفرة يخصّ بها من أخلص في الدعاء ، وكم من عبادة فيها هبّت عليها نسمات القبول ، ودعوة من ذي طلبة مشفوعة بالمأمول ، فهو وقت العلماء العاملين والعرفاء المتعبّدين ، وهو وقت نجوى الحبيب مع الحبيب ، بلا تخلل مغاير أو رقيب ، فالسعيد من أدرك هذا الوقت الشريف واستفاد من رحمة الربّ اللطيف.
وهذا الوقت من آخره معلوم ، وهو اختلاط ظلام الليل بضياء النهار ، وأما من أوّله ، فعن جمع هو السدس الأخير من الليل ، وعن آخرين أنه الثلث الأخير منه ، وعن آخر أنه الثمن ، والكلّ صحيح بحسب مراتب الفضل ، وقد تعرّضنا لبعض