وأن هذه الشهوات هي امور زائلة وقتيّة ليست مبنيّة على الحقيقة والواقع ، وإنما خلقها الله تعالى لإقامة هذه الحياة الفانية الزائلة وتكوين الاجتماع الإنساني ، وبدونها يعرض الاختلال بل الفناء عليه.
التاسع : إنما قدّم سبحانه وتعالى النساء على جميع الشهوات ، لأنهنّ حرث بني آدم ، وأن شهوة النساء هي أكثر الشهوات إعمالا عند الناس ، وهي من أعظم اللذائذ الجسميّة عند الإنسان ، بل هي الركن الأساس في الحياة ، ولذا ورد في الحديث : «أن من تزوّج فقد أحرز نصف دينه أو ثلث دينه». ولكن ليست هي الركيزة الوحيدة في الإنسان ، كما يدّعيه بعض علماء النفس.
العاشر : إتيان لفظ «الجنات» في قوله تعالى : (جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) ، يدلّ على تعدّدها لكلّ واحد من المتّقين ، مجهّزة بكلّ ما يتصوّر فيه من الفرح والانبساط والسرور والراحة ، كما وكيفا ، وذلك لأجل تعدّد موجبات استحقاق الجنان في هذه الدنيا ، كما هو واضح.
الحادي عشر : يدلّ قوله تعالى : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ) ، على أن رضوان الله تعالى هو من مشتهيات الإنسان في الدارين ، لأنه إنما يطلب مشتهيات الحياة الدنيا لأجل رضاء النفس بها وراحتها ، فهو من مشتهياته إما بحدّ ذاته ، أو بالملازمة ، ولذا جعله تعالى في مقابل الجنات والأزواج في هذه الآية الشريفة ، وفي مقابل الفضل والمغفرة والرحمة في آيات اخرى ، قال تعالى : (فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً) [سورة المائدة ، الآية : ٢].
وقال تعالى : (وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ) [سورة الحديد ، الآية : ٢٠] ، وقال تعالى : (بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ) [سورة براءة ، الآية : ٢١].
وإنما أطلق سبحانه الرضوان في المقام للدلالة على شموله للنفس ، والصفة ، والفعل وجميع الخصوصيات.
الثاني عشر : يدلّ قوله تعالى : (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ) ، على تفصيل ما أجمله سبحانه في قوله تعالى : (لِلَّذِينَ