والآية الشريفة من تلك الآيات الدالّة على ما ذكرناه ، فهي تقرّر أمرا عقليّا ، وهو أن حبّ الشهوات والاهتمام بتزيينها ، يوجب بعد الإنسان عن الكمال المعدّ له في الدنيا والآخرة ، وهذا ما نراه في المدنية الحاضرة التي بلغت شأوا بعيدا في الملذّات ، ولكنها عادت إلى الجاهلية الاولى ، وهي وإن كادت تصل إلى أوج الكمال المادي وتهيئة وسائل الراحة والعيش الهنيء ، إلا أنها أبعد دورا من أدوار حياة الإنسان على وجه هذه البسيطة من الكمال المعنوي والاطمئنان النفسي وراحة الضمير.
فالآية الشريفة لا تعدّ نفس هذه الشهوات من موجبات انحطاط الإنسان ، بل أن حبّها وتزيينها وإهمال الجانب العقلي وتعاطي هذه الشهوات وكثرة إعمالها يوجب الحرمان والانحطاط ، فهي صريحة في المطلوب ، وبعد ذلك لا ينبغي للفرد المسلم التغافل والتغاضي عن الإسلام وتلك القوانين التي نزلت لسعادة الإنسان والحياة في الدنيا حياة هنيئة آمنة سعيدة ، والاستعداد لما بعد هذه الحياة لنيل رضوان الله تعالى والبقاء فيه.