وتنويها لمقام التبعيّة ، أي : ومن اتبعني في الإسلام والإخلاص لله تعالى والإقبال عليه.
قوله تعالى : (وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ).
الأمي من لا يقرأ ولا يكتب ، فهو على ما ولدته أمه من الجهل ، والمراد من الأميين هم مشركو العرب ، قال تعالى : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً) [سورة الجمعة ، الآية : ٢] ، وقد سمّوا بذلك في مقابل أهل الكتاب ، كما أن أهل الكتاب كانوا يسمّونهم بذلك ، قال تعالى : (لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) [سورة آل عمران ، الآية : ٧٥] ، ووجه الجمع بين أهل الكتاب والمشركين إما لأجل كون الدين مشتركا بينهم والجميع مطالبون بالإيمان به ، أو لأجل أن الأميين كانوا معترفين بالله وإلهيته ، أو لأجل أن دين أهل الكتاب في عصر النزول كان لا يخلو عن الشرك ، ممّا أوجب اشتراكهم مع المشركين.
والاستفهام في الآية المباركة للتقرير ، وفيه الأمر بالإسلام.
والمعنى : قل يا رسول الله لليهود والنصارى ومشركي العرب : أسلموا وادخلوا في سلم الله تعالى ، ولا تحاربوه بعد ما جاءكم من البيّنات. وفي الآية الشريفة توبيخ لهم على العناد واللجاج ، والكف عن الإلحاح في المحاجّة مع منكر الضرورة ، كما عرفت.
قوله تعالى : (فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا).
أي : فإن دخلوا في السلم وآمنوا بالإسلام فقد خرجوا من الضلال ودخلوا في هداية الله تعالى ، وهذا هو الفوز العظيم.
قوله تعالى : (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ).
أي : وإن أعرضوا عن الإسلام وحادّوا الله ورسوله ، فإنما عليك التبليغ للدين الحقّ والدعوة إلى الله تعالى ، وقد حصل منه البلاغ وأدّاه بأحسن وجه.
والآية الشريفة تدلّ على أن الرسول مبلغ للدعوة الإلهيّة ، وليس له من الأمر في الإيمان والكفر شيء ، بل الحكم في ذلك منحصر في الله تعالى ، قال