أحد ، وإن قصرت الأفهام عن درك حقيقته ، فهو الترابط الوثيق الذي يربط بين الموجودات بعضها مع بعض والجميع مع الخالق.
والقول بأن الحبّ يختصّ بغيره لأنه نوع من الإرادة ، وهي لا تتعلّق إلا بالمعاني والمنافع ، فيستحيل تعلّقها بذاته وصفاته.
غير صحيح : لأنه إخراج للحبّ عن معناه الحقيقي مع أنه أطلق عليه سبحانه وتعالى في كثير من الآيات الشريفة ، قال عزّ شأنه : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٢٢] ، وقال تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [سورة البقرة ، الآية : ١٩٥].
والحبّ من المعاني القلبيّة التي لا بد أن يظهر أثرها على الجوارح ، وهو الداعي إلى نيل المطلوب عمّا يحبّه ، فالإنسان يحبّ الغذاء ليرفع به الجوع ، والنكاح ليدفع ما عليه من الغريزة الجنسيّة ، فهو لا بد أن يقترن بالأثر وإلا فهو مجرّد وهم وخيال.
والحبّ يتعلّق بكلّ شيء ، فقد يتعلّق بالله تعالى ويسمّى بالحبّ الإلهي ، وهو وليد كمال معرفة الله جلّت عظمته ، والناشئ عن الجمال المطلق ولا يحصل إلا بالتخلية عن الرذائل والتطهير عن كلّ ما يشغل القلب عن الله تعالى والتحلية بالفضائل ، وقد أمر الله تعالى عباده بالإخلاص له ، قال تعالى : (هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) [سورة المؤمن ، الآية : ٦٥] ، وقال تعالى : (فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) [سورة المؤمن ، الآية : ١٤] ، ولا ريب في أن الإخلاص لا يتحقّق إلا بحبّه عزوجل ، ولا يحصل مع تعلّق القلب بما سواه ولو كان أمرا أخرويا ، إلا إذا رجع إلى الله تعالى ، فالعبد المخلص لا يحبّ إلا الله ولا يشغل قلبه أمر من الأمور إلا ما يرجع إلى محبوبه وهو الله تعالى ، وهو يقضي التدين بدينه بالايتمار بأوامره والانتهاء عن نواهيه ، فهو علامة محبّة العبد لله تعالى ، ويدلّ على ذلك سيرة الحبيب المصطفى صلىاللهعليهوآله الذي بيّن سلوكه في محبّته لله تعالى ، حيث حكى عنه عزوجل : (قُلْ