يواجهه من الناس ، وليست كلّ آية تناسب موردها ، وفي المقام يتطلّب المورد أن تكون الآية لدفع إنكار المعاندين وشبه المنافقين وإظهار المنزلة والكرامة للنبيّ والمولود الجديد ، وأحسن شيء يتحقّق فيه هو الإرجاع إلى البديهيّة والحسّ والوجدان ، والسكوت على تلك الشبهات التي لا يكون ردّها والتعرّض لها إلا من المغالطة والمحاجّة ، التي يجلّ عنها مقام العقلاء فضلا عن الأنبياء ، وهذا ظاهر لمن تأمّل في هذه الآية التي تحقّقت بالنسبة إلى عيسى وامه مريم العذراء عليهماالسلام من شبهات لم تتورّع اليهود أن يلصقوها بمريم الصدّيقة ، ويمكن أن يستفاد ذلك من اضافة الآية إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، قال تعالى : (آيَتُكَ) ، أي الآية التي تناسب حالك ومقامك.
قوله تعالى : (ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً).
مادة (رمز) تأتي بمعنى التحرّك ، والرمز هو الافهام بتحرك شيء ، سواء كان بالرأس أم اليد أو العين أو غيرها ، وقيل هو مختصّ بالشفة ، ولم يدلّ دليل على التخصيص. والاستثناء منقطع.
والمراد بثلاثة أيام مع لياليها ، بقرينة قوله تعالى في موضع آخر : (ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا) [سورة مريم ، الآية : ١٠] ، وكلتا الآيتين قرينة على استمرار مدّة الرمز وتواليها.
والمعنى : أنه لا تتكلّم مع الناس في ردّ مقالاتهم في هذا الموضوع إلا إشارة باليد أو الرأس أو نحو ذلك ، وهذا أعظم شيء لتسكيت خطاب الجاهلين عند تعرّضهم للمخاطبة.
قوله تعالى : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ).
العشي والإبكار طرفا النهار ، أي : واذكر ربك باللسان والقول كثيرا ، وأدم على صلواتك في أطراف النهار.