عيسى بن مريم ، وقد وقع في ضمن البشارة كما هو ظاهر الآية الشريفة ، فيكون مباركا ، قال تعالى حكاية عنه : (وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ) ، ويصحّ أن يقع اسما له توسعا ، فيقال اسمه المسيح عيسى ابن مريم.
وكيف كان ، فقد ذكر القوم في وجه تسمية عيسى بن مريم بهذا الاسم أو اللقب.
ومنها : أنه مسح بالتطهير من الذنوب.
ومنها : أنه مسح بدهن زيت بورك فيه ، وكان الأنبياء يمسحون به.
ومنها : أنه كان يمسح رؤوس اليتامى.
ومنها : أنه كان يمسح عين الأعمى بيده فيبصر ، وذا عاهة فيبرأ.
ومنها : أن جبرائيل مسحه بجناحه حين ولادته ليكون عوذة من الشيطان.
ومنها : أن كتب العهدين كانت تبشّر بني إسرائيل بظهور ملك عليهم ينجيهم ، فسمّي مشيحا بذلك ، وقد تعلل اليهود عن قبول نبوّته بأنه لم ينل الملك أيام دعوته ولم تتحقق البشارة في حياته ، ووجه بعض النصارى والمسلمين بأن المراد الملك المعنوي ، دون الظاهري الصوري.
ولكن شيئا ممّا ذكروه لم يقم عليه دليل ، بل هو تطويل بلا طائل تحته ، والذي يظهر من الآية الشريفة أن هذا اللقب أو التسمية إنما هي من الله تعالى من حين ولادته ، وأنه يلازم البركة والخير اللذين عرف بهما عيسى بن مريم ، ولعلّ السرّ في ذلك كلّه هو نبذ العادة التي كانت متّبعة عند الإسرائيليين في الزعيم الروحاني عند ما يمنحه للزعامة الروحانيّة من هو قبله ، حتى صار لقبا للزعيم الروحاني وأصبح وساما للزعامة الروحانيّة ، كالتويج للملك ، فالآية المباركة ترشد إلى الإعراض عن هذه العادة ، وأن المسيح الذي يكون مباركا هو عيسى ابن مريم الذي سماّه الله تعالى به لا غيره.
وقد وقع الخلاف بين المفسّرين في المراد من الكلمة ، فقيل : إنّ المراد منها هو المسيح باعتبار أنه تكون في رحم امه من غير فحل ، بل بكلمة (كن) ، أي بتوجّه