ومواعظ ، وزواجر. وأما الشريعة والأحكام فهي مأخوذة من التوراة.
والحقّ ما ذكرناه من أن المستفاد من الآيات الشريفة الواردة في شأن الإنجيل هو أنه يشتمل على إثبات بعض الأحكام ، التي هي أوفق بالحكمة والمصلحة الفعليّة ، وبعض المواعظ والأمثال والأحكام الأخلاقيّة الأدبيّة ، وهي بمجموعها مصدّقة لشريعة موسى ، ولذا كانت شريعة عيسى موافقة في الجملة والإجمال لشريعة موسى عليهالسلام ، وإن كانت الاولى أكمل من الثانية ، وقد نسب إلى عيسى عليهالسلام في الإنجيل : «ما جئت لأبطل التوراة ، بل جئت لاكملها».
قوله تعالى : (وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ).
تأكيد لما سبق وتثبيت للحجّة ، وتمهيد لما سيأتي في قوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ). وفي الآية الشريفة الدلالة على أن كلّ ما أتى به عيسى عليهالسلام إنما هو من عند الله دفعا لتوهّم التضليل والغلو فيه.
وإنما خصّ الربّ بالذكر ، لأنه القائم بشؤون خلقه والمراعي مصالحهم ، وهو الذي يسوقهم إلى الكمال.
قوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ).
أي : احذروا مخالفته وغضبه في الإعراض عن الإيمان بي والإيمان بآيات الله وشهادتها برسالتي ، واتقوه في الطاعة لي.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ).
تصريح منه عليهالسلام بأنه عبد الله وأنه مبعوث من قبله جلّ جلاله ، وليس له شأن مستقل ، وبذلك ينتفي موضوع الغلو والحلول والوحدة والتثليث ونحوها فيه ، قوله تعالى : (هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ).
شرح لقول عيسى بن مريم : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) ، وبمنزلة العلّة لذلك.
يعني : لا بد للإنسان أن يرد الصراط المستقيم ، وإني أبيّن لكم ذلك الصراط المستقيم ، فالتعليل تعليل عقلي ، وقضية حقيقيّة لجميع ما ادّعاه عيسى بن مريم ، بل وكذا بالنسبة إلى سائر الأنبياء عليهمالسلام.