قوله تعالى : (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).
التفات عن الغيبة إلى الخطاب ، ليشمل عيسى عليهالسلام والّذين اتبعوه ، والّذين كفروا به ، فإن الجميع مصيرهم إلى الله تعالى ويحشرون إليه في يوم القيامة ، فيقضي بينهم بالحقّ في ما اختلفوا في أمر عيسى عليهالسلام ودينه وشريعته ، وما اختلف فيه متّبعوه والّذين كفروا به.
وفي الخطاب الدلالة على شدّة الاعتناء بإيصال الثواب والعقاب لمستحقيهما.
قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً).
تفريع على ما تقدّم وتفصيل بعد إجمال ، لبيان جزاء المبطل وكيفيّته ، وهو الحكم الإلهي الذي يقضي به على الّذين كفروا ، وهم اليهود الّذين خالفوا عيسى عليهالسلام وحاربوه.
قوله تعالى : (فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ).
ذكر سبحانه وتعالى في الدنيا ، لبيان تفوق الّذين اتبعوا عيسى عليهالسلام على اليهود الّذين كفروا به ، فقد شدّد الله العذاب عليهم في الدنيا أن جعلهم مغلوبين مخذولين ، ابتلاهم الله تعالى بأنواع البلايا من القتل والتشريد والذلّة. وفي الآخرة بأشدّ العذاب ، وما لهم في ذلك من ناصرين وأعوان يدفعون بهم عذاب الله.
وإنما أتى سبحانه بالجمع (من ناصرين) لبيان أن كلّ واحد منهم ليس له ناصر.
وفي نفي الناصرين عنهم دلالة على أن ذلك قضاء حتم لا يقبل الشفاعة.
قوله تعالى : (وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ).
بيان لحال المؤمنين ووعد حسن بالجزاء الأوفى لهم ، وفيه التفات من التكلّم إلى الغيبة ، تلطفا بهم وتحنّنا عليهم ، ولزيادة ثقة المؤمنين بالجزاء.
وإنما عدل سبحانه عن التعبير ب «الّذين اتبعوك» بهذا الخطاب ، لبيان حقيقة