وإنما عبّر سبحانه ب : (الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ) ، لتضمّنه العلّة لهذا التفوق ، وهي الاتباع والإيمان والعمل الصالح والتقوى ، فيختصّ بمن اتبعه مخلصا في أوّل دعوته وأهل الإسلام الذي اتبعوه باتباع رسول الله صلىاللهعليهوآله.
عذابا شديدا في الدنيا والآخرة : «فإن تعذيب الّذين كفروا بعيسى عليهالسلام في الدنيا والآخرة يستلزم تفوق الّذين اتبعوه».
التاسع : إنما علّق سبحانه وتعالى توفية أجور المؤمنين على الإيمان والعمل الصالح ، للدلالة على كمال هذين الأمرين والإرشاد إلى الدعوة إليهما ، وعلّق العذاب على الكفر إيذانا بعظم قبح الكفر والابتعاد عنه.
العاشر : يدلّ قوله تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ) على صحّة الاستدلال والاحتجاج مع الخصم بالوجه الحسن ، فإنه تعالى أثبت خلق عيسى من غير أب كما خلق آدم عليهالسلام من غير أب ولا ام ، فإنهما في التقدير واحد.
الحادي عشر : يدلّ قوله تعالى : (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) على أن الحقّ مبدؤه من الله تعالى وختمه إليه عزوجل ، وأن رسوله على الحقّ.
كما يدلّ على تحريك العزيمة فيه صلىاللهعليهوآله للاحتجاج والمخاصمة على الحقّ وتثبيته على اليقين ، وهذا أسلوب لطيف في تحريك العزائم وتهييج الفطرة على الثبات في مقام الاحتجاج على الحقّ.
ويدلّ على أن ما عند غيره باطل لا أثر له ، وأن السامع إذا ألقى إليه هذا الخطاب انزجر وارتدع عن المخاصمة مع الحقّ ، وقد ورد نظير هذه الآية الشريفة في سورة البقرة ، آية ١٤٧ ، أيضا وتقدّم الكلام فيها أيضا.
الثاني عشر : يدلّ قوله تعالى : (وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) على أن مجرّد الاتباع لا يكفي في القرب إليه تعالى وتوفية الأجر الكبير إلا إذا كان مقرونا بالعمل الصالح والانقلاع عن الظلم ، وإلا فإنه يوجب البعد عنه عزوجل ، فكأن هذه الآية الشريفة مسوقة لبيان حال طائفة ثالثة ، وهي الفساق ومرتكبوا الظلم بعد ذكر