أقول : هذه الرواية محمولة على ذكر بعض المصاديق ، لا الحصر الحقيقي.
في تفسير العياشي : «سئل الصادق عليهالسلام عن المحكم والمتشابه؟ قال : المحكم ما يعمل به ، والمتشابه ما اشتبه على جاهله».
أقول : المراد بالجاهل من لم يكن راسخا في العلم ، وإلا فمن كان كذلك مثل رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلا وجه للتشابه والتأويل بالنسبة إليه ، وسيأتي في البحث العلمي ما يدلّ على ذلك.
في تفسير العياشي ـ أيضا ـ : عن أبي عبد الله عليهالسلام : «ان القرآن محكم ومتشابه ، فأما المحكم فتؤمن به ، وتعمل به ، وتدين به ، وأما المتشابه فتؤمن به ولا تعمل به ، وهو قول الله عزوجل : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) ، والراسخون في العلم هم آل محمد».
أقول : هذه الرواية تدلّ على ما تقدّم في التفسير من أن الجملة عطف على اسم الجلالة ، وأن الذين في قلوبهم زيغ يعتقدون بأن جميع الآيات بأصنافها من عند الله تعالى ، ولكنهم يتّبعون المتشابه لابتغاء الفتنة ويعملون به.
وقوله عليهالسلام : «وأما المتشابه فتؤمن به ولا تعمل به» ، فهو مطابق لفطرة العقول ، إذ المجمل لا اعتبار به لديهم ، فلا بد من ردّه إلى المحكم والمفصّل.
وأما قوله عليهالسلام : «والراسخون في العلم هم آل محمد» ، فقد تقدّم أنهم علموا ذلك بالوراثة عن خاتم النبيّين صلىاللهعليهوآله ، ويأتي ما يدلّ على ذلك.
في تفسير العياشي : عن مسعدة بن صدقة قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الناسخ والمنسوخ ، والمحكم والمتشابه؟ قال : الناسخ الثابت المعمول به ، والمنسوخ ما قد كان يعمل به ثم جاء ما نسخه ، والمتشابه ما اشتبه على جاهله».
أقول : تقدّم في الرواية الاولى عن الصادق عليهالسلام ما يتعلّق بهذه الرواية.
وفي رواية اخرى : «الناسخ الثابت ، والمنسوخ ما مضى ، والمحكم ما يعمل به والمتشابه الذي يشبه بعضه بعضا».