عن علي عليهالسلام في حديث له مع معاوية : «القرآن حق ونور وهدى ورحمة وشفاء للمؤمنين الذين آمنوا ، والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى ، يا معاوية إن الله عزوجل لم يدع صنفا من أصناف الضلالة والدعاة إلى النار إلا وقد ردّ عليهم واحتجّ في القرآن ، ونهى عن اتباعهم وأنزل فيهم قرآنا ناطقا عليهم ، علمه من علمه وجهله من جهله ، وإني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : ليس من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن ولا منه حرف إلا وله حدّ مطلع على ظهر القرآن وتأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ، وأمر الله عزوجل الأئمة أن يقولوا : آمنا به كلّ من عند ربنا ، وأن يسلموا لنا وأن يردّوا علمه إلينا ، وقال الله عزوجل : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) ويطلبونه».
أقول : الروايات في أن للقرآن ظهرا وبطنا كثيرة ، وفي بعضها سبعة أبطن ، وذلك كلّه محمول على مراتب التأويل ، التي يعلمها من علم تأويل القرآن ، كما سيأتي.
وأما قوله عليهالسلام : «وله حدّ مطلع على ظهر القرآن» ، المراد من هذا المطلع ما يفهمه العالم بالتأويل ، وعلمه مختصّ بالراسخ في العلم ، والرسوخ في العلم لا يحصل بكثرة الممارسة ، بل نور يستوهب من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، كما مرّ.
وأما قوله عليهالسلام : «وأمر الله عزوجل الأئمة أن يقولوا آمنا به كلّ من عند ربنا» ، قد أثبتنا في التفسير أن ذلك لا ينافي كونهم راسخين في العلم ، ومع ذلك يؤمنون بأن الكلّ منزل من عند الله تبارك وتعالى.
وأما قوله عليهالسلام : «ان يردوا علمه إلينا وقال الله عزوجل : ولو ردوه إلى الرسول وإلى اولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم» ، يظهر من سياق هذه الرواية وذكر هذه الآية الشريفة في ذيلها أن الاستنباط من القرآن لا بد وأن يكون للراسخ في العلم فيه ، وهو كذلك لما تقدّم غير مرة من أن القرآن الكريم لا يشرحه إلا السنّة ، فهو كالمتن لها ، لا يفهم المراد من المتن إلا بالرجوع إلى السنّة المقدّسة.