في تفسير العياشي : عن بريد بن معاوية ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «إن رسول الله صلىاللهعليهوآله أفضل الراسخين في العلم ، فقد علم جميع ما أنزل الله عليه من التنزيل والتأويل ، وما كان لينزل عليه شيئا لم يعلمه التأويل ، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كلّه ، قال : جعلت فداك ، إن أبا الخطاب كان يقول فيكم قولا عظيما ، قال : وما كان يقول؟ قلت : قال : إنكم تعلمون علم الحرام والحلال والقرآن ، قال : إن علم الحلال والحرام والقرآن يسير في جنب العلم الذي يحدث في الليل والنهار».
أقول : أما ان الله تبارك وتعالى علّم رسوله جميع ما أنزل ، فهو حق واقع ، إذ لا معنى للوحي والتشريع بالنسبة إلى خاتم الأنبياء إلا ذلك ، وأما كون علم الحلال والحرام يسير في جنب علم ما يحدث في الليل والنهار ، لأنه من الأمور الغيبيّة وأسرار القضاء والقدر التي تحيّرت العقول في أصل دركها ، فضلا عن الإحاطة بها ، ويمكن أن يستظهر من هذه الرواية أن ذلك أيضا من متفرّعات الرسوخ في العلم ، فكما أن أصل الرسوخ في العلم ، بجميع مراتبه مختصّ به تعالى ، فكذلك أسرار ما يحدث بالليل والنهار.
نعم استلهم أولياؤه بعض مراتبه.
عن مسعدة بن صدقة : عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهماالسلام : «ان رجلا قال لأمير المؤمنين عليهالسلام : هل تصف ربّنا نزداد له حبا وبه معرفة؟ فغضب عليهالسلام وخطب الناس فقال ـ فيما قال ـ : عليك يا عبد الله بما دلّك عليه القرآن من صفته ، وتقدّمك فيه الرسول من معرفته ، فائتم به واستضئ بنور هدايته ، فإنما هي نعمة وحكمة أوتيتها ، فخذ ما أوتيت وكن من الشاكرين ، وما كلّفك الشيطان علمه ممّا ليس عليك في الكتاب فرضه ولا في سنّة الرسول وأئمة الهدى اثره ، فكل علمه إلى الله سبحانه ، ولا تقدر عظمة الله ، واعلم يا عبد الله أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم الله عن الاقتحام على السدد المضروبة دون الغيوب ، فلزموا الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ، فقالوا آمنا به كلّ من عند ربنا ، وقد مدح الله اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما ، وسمّى تركهم التعمّق فيما لم