الراسخين في العلم».
أقول : هذا تفسير باللازم ، لأن من لوازم التقوى والمواظبة على أحكامه الاتصاف بما ورد في الرواية ، ويصير العالم بذلك راسخا في العلم ، وليس ذلك من باب الحصر الحقيقي ، بل لا بد وأن يحمل على الحصر الإضافي.
وعن علي عليهالسلام أنه قيل له : «هل عندكم شيء من الوحي؟ قال : لا والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، إلا أن يعطي الله عبدا فهما في كتابه».
أقول : يستفاد منه أن فهم القرآن الذي أفاضه الله تعالى على عبده من مراتب الوحي وشؤونه ، وهو كذلك ، لأن جميع ما شرحه علي عليهالسلام في الأصول والمعارف وكذا أولاده المعصومون ، خصوصا الباقران والرضا عليهمالسلام ، لا يكون إلا من مراتب الوحي الإلهي ، المستفاد من الوحي الكلّي ، وهو القرآن الكريم ، بل جميع ما أعطاه الله لنبيّه صلىاللهعليهوآله من جوامع الكلم الذي افتخر به صلىاللهعليهوآله على سائر الأنبياء يكون كذلك.
في الكافي : عن الصادق عن أبيه عن آبائه عليهمالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أيها الناس ، إنكم في دار هدنة ، وأنتم على ظهر سفر ، والسير بكم سريع ، وقد رأيتم الليل والنهار والشمس والقمر يبليان كلّ جديد ويقرّبان كلّ بعيد ، ويأتيان بكلّ موعود ، فأعدّوا الجهاز لبعد المجاز ، قال : فقام المقداد بن الأسود فقال : يا رسول الله ، وما دار الهدنة؟ فقال : دار بلاغ وانقطاع ، فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن ، فإنه شافع مشفع ، وما حل مصدق ، ومن جعله أمامه قاده إلى الجنّة ، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار ، وهو الدليل يدلّ على خير سبيل ، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل ، وهو الفصل ليس بالهزل ، وله ظهر وبطن ، فظاهره حكم وباطنه علم ، ظاهره أنيق وباطنه عميق ؛ له تخوم وعلى تخومه تخوم ، لا تحصى عجائبه ، ولا تبلى غرائبه ، فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة فليجلّ جال بصره وليبلغ الصفة نظره ، ينج من عطب ، ويخلص من نشب ، فإن التفكّر حياة قلب البصير كما يمشي المستنير في الظلمات ،