______________________________________________________
فتحيضت بمقتضى القاعدة ، ثمَّ انكشف خطأ العلم ، رتبت من حين العلم آثار الأصل الجاري من أول الأمر.
ثمَّ إنه يمكن أن بوجه القول بالتخيير بأن مقتضى قاعدة الإمكان حيضية الدمين معاً ، فاذا تعذر الأخذ بمقتضاها فيهما تعين الأخذ بمقتضاها في أحدهما ، لأن إعمال المقتضي لازم مهما أمكن. وفيه : أنه مبني على القول بالسببية في الأحكام الظاهرية ، لكن المحقق في محله خلافه.
فالعمدة في المسألة ظهور الإجماع على وجوب التحيض بأحد الدمين ، الموجب للخروج عن قاعدة الاحتياط في كل منهما ، وإنما خلافهم في التخيير والتعيين ، وإذ أن الأصل في مثله يقتضي حيضية الأول يتعين البناء على حيضيته. وبالجملة : القدر المتيقن في جواز الخروج عن قاعدة الاحتياط هو التحيض بالأول ، ولا فرق في ذلك بين أن تعلم بالدمين حين رؤية الأول وان لا تعلم ، فتحيضت بالأول ، فإنه إذا رأت الثاني رتبت أحكام المستحاضة ، ولا شيء عليها إذا رتبت أحكام الحيض على الدم الأول إذا كان له أثر استقبالي ، كقضاء الصوم ونحوه.
والمتحصل مما ذكرنا : أنه إذا كان أحد الدمين في العادة دون الآخر تحيضت بما في العادة دون الآخر ، وإن كانا معاً في غير العادة تحيضت بالأول ، من غير فرق بين الاختلاف في الصفة وعدمه. ويؤيد ذلك مصحح صفوان (١) بناء على أنه وارد في صورة تردد الحيض بين الدمين ، كما ادعاه في الجواهر. وخروج صورة كون أحدهما في العادة عنه إما لانصرافه الى غيرها ـ كما يقتضيه سوق السؤال ـ أو محمول على ذلك ، جمعاً بينه وبين ما دل على طريقية العادة ، فإن تقييده بغير العادة أولى من تقييد دليل العادة.
__________________
(١) الوسائل باب : ١ من أبواب الاستحاضة حديث : ٣