______________________________________________________
مع كون السؤال فيه عن غسل الجنابة ـ قد تعرض فيه لذكر أمور كثيرة خارجة عنه ، وبعضها مستحب ، ولم يتعرض فيه للترتيب بين الأعضاء ، فيأبى جدا عن التقييد به ، ولا سيما مع اشتمال المقيدات على ما لا يقول بوجوبه المشهور ، مثل الترتيب بين غسل الكفين ، والفرج ، وغسل الرأس وصب الماء على الرأس ثلاثا ، وغير ذلك ، فلاحظها ، فان ذلك مما يوهن حملها على الوجوب جداً ، فيكون حمل النصوص المتقدمة على الاستحباب أو غيره أولى من تقييد المطلقات.
اللهم إلا أن يقال : الترتيب بين الرأس والجانبين إن لم يكن واجباً فهو مستحب فإهماله في الصحيح المذكور لا بد أن يكون لنكتة ، ولعلها من جهة أن السؤال لم يكن عن كيفية غسل الجنابة وإنما كان عما يتعلق به ، وحينئذ لا يكون الإهمال دالا على عدم الوجوب.
وقد استدل على الترتيب في المقام بمصحح زرارة عن أبي عبد الله (ع) : « من اغتسل من جنابة فلم يغسل رأسه ثمَّ بدا له أن يغسل رأسه لم يجد بدا من إعادة الغسل » (١) بضميمة عدم الفصل بين عدم جواز تقديم الجانبين ووجوب تأخيرهما. وفيه أن ظاهر قوله (ع) : « ثمَّ بدا له » أن ترك غسل الرأس أولا كان عمدا ، ولعل البطلان من جهة التشريع المنافي لقصد الامتثال المعتبر في الغسل لا لفوات الترتيب. اللهم إلا أن يقال : إن الحمل على العمد بعيد جدا ، لبعد وقوع العمد من المسلم الذي هو في مقام التقرب.
وأما أمر الصادق (ع) الجارية التي أصاب منها في طريق مكة بغسل الرأس أولا ـ كما في صحيح ابن مسلم (٢) ـ فلا يدل على الوجوب ، لأنه
__________________
(١) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب الجنابة حديث : ١
(٢) الوسائل باب : ٢٩ من أبواب الجنابة حديث : ١