الأنعام نزل قبل هذه الآية (وَما ظَلَمْناهُمْ) بتحريم ذلك عليهم (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) بالعصيان والكفر بنعم الله تعالى ، والجحود بأنبيائه.
واستحقوا بذلك تحريم هذه الأشياء عليهم ، لتغيير المصلحة عند كفرهم وعصيانهم. ثم ذكر سبحانه التائبين بعد تقدم الوعد والوعيد ، فقال : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ) الذي خلقك يا محمد (لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ) أي : المعصية (بِجَهالَةٍ) أي : بداعي الجهل ، فإنه يدعو إلى القبيح ، ما أن داعي العلم يدعو إلى الحسنى.
وقيل : بجهالة السيئات ، أو بجهالتهم للعاقبة. وقيل : بجهالة أنها سوء. وقيل : الجهالة هو أن يعجل بالإقدام عليها ، ويعد نفسه التوبة عنها (ثُمَّ تابُوا) عن تلك المعصية (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا) نياتهم ، وأفعالهم (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها) أي : من بعد التوبة ، أو الجهالة ، أو المعصية (لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) وأعاد قوله (إِنَّ رَبَّكَ) للتأكيد وليعود الضمير في قوله من بعده إلى الفعلة (١).
* س ٤٦ : ما هو معنى قوله تعالى :
(إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠) شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٢١) وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٢٢) ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٢٣) [سورة النحل : ١٢٣ ـ ١٢٠]؟!
الجواب / قال علي بن إبراهيم القميّ : وقوله : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً) أي طاهرا (اجْتَباهُ) أي اختاره (وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) قال :
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٦ ، ص ٢٠٧ ـ ٢٠٨.