قربه حتى سمع صرير القلم الذي كتب به التوراة. وقوله (نَجِيًّا) معناه أنه اختصه بكلامه بحيث لم يسمع غيره ، يقال : ناجاه يناجيه مناجاة إذا اختصه بإلقاء كلامه إليه. وأصل النجوة الارتفاع عن الهلكة ، ومنه النجاة أيضا ، والنجاء السرعة ، لأنه ارتفاع في السير ، ومنه المناجاة ، وقال الحسن : لم يبلغ موسى عليهالسلام من الكلام الذي ناجاه شيئا قط. ثم أخبر تعالى أنه وهب له من رحمته ونعمته عليه أخاه هارون نبيا ، شد أزره كما سأله (١).
* س ١٥ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) (٥٤) [سورة مريم : ٥٤]؟!
الجواب / ١ ـ قال بريد بن معاوية العجلي : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : يا بن رسول الله ، أخبرني عن إسماعيل (إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) أكان إسماعيل بن إبراهيم عليهماالسلام ، فإن الناس يزعمون أنّه إسماعيل بن إبراهيم عليهماالسلام؟
فقال عليهالسلام : «إسماعيل مات قبل إبراهيم ، وإنّ إبراهيم كان حجّة لله قائما ، صاحب شريعة ، فإلى من أرسل إسماعيل إذن».
فقلت : جعلت فداك ، فمن كان؟
فقال عليهالسلام : «ذاك إسماعيل بن حزقيل النبيّ بعثه الله إلى قومه ، فكذّبوه وقتلوه وسلخوا وجهه ، فغضب الله عليهم ، فوجه إليه أسطاطائيل ملك العذاب ، فقال له : يا إسماعيل : أنا اسطاطائيل ملك العذاب ، وجّهني إليك ربّ العزة لأندب قومك بأنواع العذاب إن شئت. فقال له إسماعيل : لا حاجة
__________________
(١) التبيان : ج ٧ ، ص ١٣٣.