وقوله (فَكَذَّبَ وَأَبى) معناه نسب الخبر الذي أتاه إلى الكذب (وَأَبى) امتنع مما دعي إليه من توحيد الله وإخلاص عبادته والطاعة لما أمر به. وقال فرعون لموسى (أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى) والسحر حيلة يخفى سببها ويظن بها المعجزة ، ولذلك يكفر المصدق بالسحر ، لأنه لا يمكنه العلم بصحة النبوة مع تصديقه بأن الساحر يأتي بسحره بتغيير الثابت. ثم قال فرعون لموسى (فَلَنَأْتِيَنَّكَ) يا موسى (بِسِحْرٍ) مثل سحرك (فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً) أي عدنا مكانا نجتمع فيه ووقتا نأتي فيه (مَكاناً سُوىً) أي مكانا عدلا بيننا وبينك ... وقيل : معناه مستويا يتبين الناس ما بيننا فيه ...
وقيل : معناه يستوي حالنا في الرضا به ... وقيل : (سُوىً) النصف والوسط ...
فقال له موسى (مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ) وهو يوم عيد كان لهم ... وقيل : «يوم الزينة» يوم شرف كانوا يتزينون بها. وقوله : (وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) ، يحتمل أن يكون في موضع رفع ، وتقديره موعدكم حشر الناس. ويحتمل أن يكون في موضع جر وتقديره يوم يحشر الناس.
وقوله (فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ) أي أعرض عن موسى على هذا الوعد (فَجَمَعَ كَيْدَهُ) من السحر و (أَتى) يوم الموعد. (١).
* س ٢١ : ما هو معنى قوله تعالى :
(قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى (٦١) فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى (٦٢) قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ
__________________
(١) التبيان : ج ٧ ، ص ١٨٠ ـ ١٨١.