* س ٢٩ : ما هو معنى قوله تعالى :
(فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤) إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٩٦) [سورة الحجر : ٩٦ ـ ٩٤]؟!
الجواب / قال أبو عبد الله عليهالسلام : «مكث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بمكّة بعد ما جاءه الوحي عن الله تبارك وتعالى ثلاث عشرة سنة ، منها ثلاث سنين مختفيا خائفا لا يظهر حتى أمره الله عزوجل أن يصدع بما أمره به ، فأظهر حينئذ الدّعوة».
وقال الحسين عليهالسلام : «إنّ يهوديّا من يهود الشام وأحبارهم كان قد قرأ التّوراة والإنجيل والزّبور وصحف الأنبياء عليهمالسلام وعرف دلائلهم ، أتى إلى المسجد فجلس ، وفيه أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وفيهم علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وابن عبّاس ، وأبو معبد الجهني ، فقال : يا أمّة محمد ، ما تركتم لنبيّ درجة ، ولا لمرسل فضيلة إلّا نحلتموها نبيّكم ، فهل تجيبوني عمّا أسألكم عنه؟ فكاع (١) القوم عنه ، فقال عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : نعم ، ما أعطى الله عزوجل نبيّا درجة ، ولا مرسلا فضيلة إلّا وقد جمعها لمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وزاد محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم على الأنبياء أضعافا مضاعفة.
فقال له اليهوديّ : فهل أنت مجيبي؟ قال : نعم ، سأذكر لك اليوم من فضائل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما يقرّ الله به أعين المؤمنين ، ويكون فيه إزالة لشكّ الشاكّين في فضائله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إنّه كان إذا ذكر لنفسه فضيلة ، قال : ولا فخر ، وأنا أذكر لك فضائله غير مزر بالأنبياء ، ولا منتقص لهم ، ولكن شكرا لله على ما أعطى محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم مثل ما أعطاهم ، وما زاده الله ، وما فضّله عليهم.
فقال اليهوديّ : إني أسألك فأعدّ له جوابا. قال له علي عليهالسلام : هات ، فذكر له اليهودي ما أعطى الله عزوجل الأنبياء ، فذكر له أمير المؤمنين عليهالسلام
__________________
(١) كعت عن الشيء أكيع لغة كععت عنه أكعّ إذا هيبته وجبنت عنه. «لسان العرب ـ كوع ـ ج ٨ ، ص ٣١٧».