* س ١٤ : ما هو معنى قوله تعالى :
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٩) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) (٢٠) [سورة إبراهيم : ٢٠ ـ ١٩]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسيّ (رحمهالله تعالى) : يقول الله تعالى لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ويعني به الأمة بدلالة قوله (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) ألم تعلم الآن الرؤية تكون بمعنى العلم ، كما تكون بمعنى الإدراك بالبصر وههنا لا يمكن أن تكون بمعنى الرؤية بالبصر ، لأن ذلك لا يتعلق بأن الله خلق السموات والأرض ، وإنما يعلم ذلك بدليل وقوله «بالحق» والحق هو وضع الشيء في موضعه على ما تقتضيه الحكمة وإذا جرى المعنى على ما هو له من الأشياء فهو حق ، وإذا أجرى على ما ليس هو له من الشيء فذلك باطل. والخلق فعل الشيء على تقديره وترتيب ، والخالق الفاعل على مقدار ما تدعو الحكم إليه لا يجوز عليه غير ذلك.
وقوله (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) خطاب للخلق وإعلام لهم أنه قادر إن شاء أن يميت الخلق ويهلكهم ويجيء بدلهم خلقا آخر جديدا. والإذهاب إبعاد الشيء عن الجهة التي كان عليها ، ولهذا قيل للإهلاك إذهاب ، لأنه إبعاد له عن حال الإيجاد. والجديد المقطوع عنه العمل في ابتداء أمره قبل حال خلو فيه ، وأصله القطع يقال : جده يجده جدا إذا قطعه ، والجد أب الأب ، لانقطاعه عن الولادة بالأب ، والجد ضد الهزل ، والجد الحظ.
(وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) أخبار منه تعالى إن إذهابكم أهلاككم والاتيان بخلق جديد ليس بممتنع على الله على وجه من الوجوه. والممتنع بقدرته : عزيز ، والممتنع بسعة مقدوره عزيز ، والممتنع بكبر نفسه عزيز.
وفي الآية دلالة على أن من قدر على الإنشاء قدر على الإفناء إذا كان