* س ٤٧ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً (٨٦) إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً (٨٧) قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (٨٨) [سورة الإسراء : ٨٨ ـ ٨٦]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ (رحمهالله تعالى) : (وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) يعني القرآن ، ومعناه : إني أقدر أن آخذ ما أعطيتك كما منعت غيرك ، ولكني دبرتك بالرحمة لك ، فأعطيتك ما تحتاج إليه ، ومنعتك ما لا تحتاج إلى النص عليه ، وإن توهم قوم أنه مما تحتاج إليه ، فتدبر أنت بتدبير ربك ، وارض بما اختاره لك (ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً) أي : ثم لو فعلنا ذلك ، لم تجد علينا وكيلا يستوفي ذلك منا ، وقيل : معناه ولو شئنا لمحونا هذا القرآن من صدرك ، وصدر أمتك ، حتى لا يوجد له أثر ، ثم لا تجد له حفيظا يحفظه عليك ويحفظ ذكره على قلبك ... قالوا : وفي هذا دلالة على أن السؤال وقع عن القرآن.
(إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) معناه : لكن رحمة من الله ربك لك ، أعطاك ما أعطاك من العلوم ، ومنعك ما منعك منها ، وأثبت القرآن في قلبك ، وقلوب المؤمنين (إِنَّ فَضْلَهُ كانَ) فيما مضى. وفيما يستقبل (عَلَيْكَ كَبِيراً) عظيما إذ اختارك للنبوة ، وخصك بالقرآن ، فقابله بالشكر. وقال ابن عباس : يريد حيث جعلك سيد ولد آدم ، وختم بك النبيين ، وأعطاك المقام المحمود.
ثم احتج سبحان على المشركين بإعجاز القرآن ، فقال : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) معناه : قل يا محمد لهؤلاء الكفار : لئن اجتمعت الإنس والجن ، متعاونين