فيكون كذلك دائما ، ومتى قيل : كيف يبقى الحي حيا في تلك الحالة من الإحتراق دائما؟ قلنا : إن الله تعالى قادر على أن يمنع وصول النار إلى مقاتلهم. (ذلِكَ) أي : ذلك الذي تقدم ذكره من العقاب (جَزاؤُهُمْ) استحقوه (بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا) أي : بتكذيبهم بأيات الله. (وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً) مثل التراب مترضضين (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) مر معناه في هذه السورة (أَوَلَمْ يَرَوْا) أي : أو لم يعلموا (أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) لأن القادر على الشيء ، قادر على أمثاله إذا كان له مثل ، أو أمثال في الجنس وإذا كان قادرا على خلق أمثالهم ، كان قادرا على إعادتهم ، إذا الإعادة أهون من الإنشاء في الشاهد. وقيل : أراد قادر على أن يخلقهم ثانيا ، وأراد بمثلهم إياهم ، وذلك أن مثل الشيء مساو له في حالته ، فجاز أن يعبر به عن الشيء نفسه. يقال : مثلك لا يفعل كذا ، بمعنى أنت لا تفعله ، ونحوه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وتم الكلام ههنا.
ثم قال سبحانه : (وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ) أي : وجعل لإعادتهم وقتا لا شك فيه أنه كائن لا محالة. وقيل : معناه وضرب لهم مدة ليتفكروا ويعلموا فيهما أن من قدر على الإبتداء قدر على الإعادة. وقيل : وجعل لهم أجلا يعيشون إليه ، ويخترمون عنده لا شك فيه (فَأَبَى الظَّالِمُونَ) لنفوسهم ، الباخسون حقها بفعل المعاصي (إِلَّا كُفُوراً) أي : جحدوا بآيات الله ونعمه. وفي الآية دلالة على أن القادر على الشيء يجب أن يكون قادرا على جنس مثله ، إذا كان له مثل ، وعلى أنه يجب أن يكون قادرا على ضده ، لأن منزلته في المقدور منزلة مثله. وفيه دلالة أيضا على أنه يقدر على إعادته إذا كان مما يفنى ، وتصح عليه الإعادة.
* س ٥٢ : ما هو معنى قوله تعالى :
(قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً) (١٠٠) [سورة الإسراء : ١٠٠]؟!