وصمّوا عن الحقّ من حيث لا يعلمون ، وذلك قوله عزوجل : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) يعني أعمى عن الحقائق الموجودة ، وقد علم ذوو الألباب أنّ الاستدلال على ما هناك لا يكون إلّا بما ها هنا ، ومن أخذ علم ذلك برأيه ، وطلب وجوده وإدراكه عن نفسه دون غيرها ، لم يزدد من علم ذلك إلّا بعدا ، لأنّ الله تعالى جعل علم ذلك خاصّة عند قوم يعقلون ويعلمون ويفقهون» (١).
* س ٣٧ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (٧٣) وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (٧٤) إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً (٧٥) وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً) (٧٦) [سورة الإسراء : ٧٦ ـ ٧٣]؟!
الجواب / قال الإمام الصادق عليهالسلام : «كان القوم قد أرادوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم [ليريبوا] رأيه في عليّ عليهالسلام وليمسك عنه بعض الإمساك حتى أن بعض نسائه ألححن عليه في ذلك ، فكاد يركن إليهم بعض الركون ، فأنزل الله عزوجل : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) في عليّ (لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً).
قال ابن العبّاس : رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم معصوم ، ولكن هذا تخويف لأمّته لئلّا يركن أحد من المؤمنين إلى أحد من المشركين (٢).
وقال عليّ بن إبراهيم ، قوله : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ج ١ ، ص ١٧٥ ، ح ١ ، التوحيد : ص ٤٣٨ ، ح ١.
(٢) تأويل الآيات : ج ١ ، ص ٢٨٤ ، ح ٢١.