ثم قال الفقير : (فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً) أي محترقا (أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً). فوقع فيها ما قال الفقير في تلك الليلة (فَأَصْبَحَ) الغنيّ ، (يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَيَقُولُ : يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً) فهذه عقوبة البغي (١).
وقال الصادق عليهالسلام : عجبت لمن فزع من أربع ، كيف لا يفزع إلى أربع؟ عجبت لمن خاف كيف لا يفزع إلى قوله عزوجل : (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)(٢)؟ فإني سمعت الله عزوجل يقول بعقبها : (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ)(٣). وعجبت لمن اغتمّ ، كيف لا يفزع إلى قوله عزوجل (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)(٤) فإني سمعت الله عزوجل يقول بعقبها : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)(٥). وعجبت لمن مكر به ، كيف لا يفزع إلى قوله تعالى : (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ)(٦)؟ فإني سمعت الله عزوجل يقول بعقبها : (فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا)(٧). وعجبت لمن أراد الدنيا وزينتها ، كيف لا يفزع إلى قوله تعالى : (ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ)؟ وفإني سمعت الله عزوجل يقول بعقبها : (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ) ، وعسى موجبة» (٨).
__________________
(١) تفسير القميّ : ج ٢ ، ص ٣٥.
(٢) آل عمران : ١٧٣.
(٣) آل عمران : ١٧٤.
(٤) الأنبياء : ٨٧.
(٥) الأنبياء : ٨٨.
(٦) غافر : ٤٤.
(٧) غافر : ٤٥.
(٨) الخصال : ص ٢١٨ ، ح ٤٣.